15_ تعريف العبد بكرم الله في قبول التوبة: فلا سبيل إلى النجاة إلا بعفو الله، وكرمه، ومغفرته؛ فهو الذي جاد عليه بأن وفقه للتوبة، وألهمه إياها ثم قبلها منه، فتاب عليه أولا وآخرا.
16_ أن يعامل العبد بني جنسه بما يحب أن يعامله الله به: فيعامل بني جنسه في زلاتهم، وإساءاتهم بما يحب أن يعامله الله به في إساءاته وزلاته، وذنوبه؛ فإن الجزاء من جنس العمل؛ فمن عفى عفى الله عنه، ومن استقصى استقصى الله عليه وهكذا...
17_ إقامة المعاذير للخلق: فإذا أذنب العبد أقام المعاذير للخلق، واتسعت رحمته لهم، واستراح من الضيق والحصر وأكل بعضه بعضا ، واستراح العصاة من دعائه عليهم، وقنوطه من هدايتهم؛ فإنه إذا أذنب رأى نفسه واحدا منهم؛ فهو يسأل الله لهم المغفرة، ويرجو لهم ما يرجوه لنفسه، ويخاف عليهم ما يخافه على نفسه.
ومع هذا فيقيم أمر الله فيهم؛ طاعة لله، ورحمة بهم، وإحسانا إليهم؛ إذ هو عين مصلحتهم لا غلظة، ولا فظاظة.
18_ معرفة نعمة معافاة الله: فإن من تربى في العافية لا يعلم ما يقاسيه المبتلى، ولا يعرف مقدار العافية؛ فلو عرف أهل الطاعة أنهم هم المنعم عليهم في الحقيقة لعلموا أن لله عليهم من الشكر أضعاف ما على غيرهم وإن توسدوا التراب، ومضغوا الحصى؛ فهم أهل النعمة المطلقة، وأن من خلى الله بينه وبين معاصيه فقد سقط من عينه، وهان عليه.
فإذا طالبت العبد نفسه بما تطالبه من الحظوظ والأقسام، وأرته أنه في بلية وضائقة، تداركه الله برحمته، وابتلاه ببعض الذنوب، فرأى ما كان فيه من المعافاة والنعمة، وأنه لا نسبة لما كان فيه من النعم إلى ما طلبته نفسه من الحظوظ؛ فحينئذ يكون أكثر أمانيه وآماله العود إلى حاله، وأن يمتعه الله بعافيته.
مخ ۱۸