127

فتك السهام بلا قوس ولا وتر والمرء ما دام ذا عين يقلبها

في أعين الغيد موقوف على الخطر

يسر مقلته ما ضر مهجته

لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

والناظر يرمي من نظره بسهام غرضها قلبه وهو لا يشعر.

قال الفرزدق:

تزود منها نظرة لم تدع له

فؤادا ولم يشعر بما قد تزودا

فلم أر مقتولا ولم أر قاتلا

بغير سلاح مثلها حين أقصدا

وقال آخر:

ومن كان يؤتى من عدو وحاسد

فإني من عيني أتيت ومن قلبي

هما اعتوراني نظرة ثم فكرة

فما أبقيا لي من رقاد ولا لب

وقال المتنبي:

وأنا الذي اجتلب المنية طرفه

فمن المطالب والقتيل القاتل

الفائدة الثانية: أنه يورث القلب نورا، وإشراقا يظهر في العين، وفي الوجه، وفي الجوارح.

كما أن إطلاق البصر يورثه ظلمة تظهر في وجهه وجوارحه؛ ولهذا_والله أعلم_ذكر الله_سبحانه_آية النور في قوله_تعالى_: [الله نور السموات والأرض] النور: 35 عقيب قوله: [قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم] النور: 30.

وجاء الحديث مطابقا لهذا المعنى حتى كأنه مشتق منه، وهو قوله: =النظرة سهم مسموم من سهام إبليس؛ فمن غض بصره عن محاسن امرأة أورث الله قلبه نورا+(368) الحديث.

الفائدة الثالثة: أنه يورث صحة الفراسة؛ فإنها من النور وثمراته، وإذا استنار القلب صحت الفراسة؛ لأنه يصير بمنزلة المرآة المجلوة تظهر فيها المعلومات كما هي، والنظر بمنزلة التنفس فيها؛ فإذا أطلق العبد نظره تنفست نفسه الصعداء في مرآة قلبه، فطمست نورها كما قيل:

مرآة قلبك لا تريك صلاحه

والنفس فيها دائما تتنفس

وقال شجاع الكرماني: =من عمر ظاهره باتباع السنة، وباطنه بدوام المراقبة، وغض بصره عن المحارم، وكف نفسه عن الشهوات، وأكل من الحلال_لم تخطىء فراسته+.

وكان شجاع لا تخطىء له فراسة.

مخ ۱۲۷