الباب الثاني: في إيراد مآثره منذ ابتداء مولده إلى حين وفاته وهي تشتمل على فصول أيضا يأتي بيانها وعدتها عشرة.
أخبرنا الإمام المسند الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن التنوخي إذنا مشافهة من الحافظ أبي الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي والإمام أبي الحسن علي بن إبراهيم بن داود بن العطار قالا: أنا الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبو زكريا يحيى بن شرف النووي قال -رحمه الله- في كتاب التهذيب: كان الشافعي -رحمه الله- من أنواع المحاسن بالمحل الأعلى والمقام الأسنى لما جمعه الله تعالى له من الخيرات، ووفقه له من جميل الصفات وسهل عليه من أنواع الكرامات، فمن ذلك شرف النسب، لاجتماعه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جد جده عبد مناف ومن ذلك شرف المولد والمنشأ، فإنه ولد بالأرض المقدسة ونشأ بمكة.
ومن ذلك أنه أخذ من الأئمة المبرزين، وناظر الحذاق المتقنين، ووجد الكتب في العلوم قد مهدت والأحكام قد قررت، فانتخب وتخير وحقق وحبر ولخص طريقة جامعة للنقل والنظر، ولم يقتصر كما اقتصر غيره.
مع ما رزق من كمال الفهم وعلو الهمة والبراعة في جميع الفنون، والمهارة في لغة العرب وإتقان معرفة كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ورد بعض ذلك إلى بعض حتى أذعن لفضله المخالف والموافق، واعترف بتقدمه المفارق والموافق.
فبارك الله تعالى في علومه الباهرة، ومحاسنة المتظاهرة إلى أن انتشرت تصانيفه وتلاميذه، وكثر العدول الآخذون لطريقته بعده، حتى ملأ علمه طبق الأرض كما بشر به الصادق المصدوق.
قال محمد بن الحسن: إن تكلم أصحاب الحديث يوما فبلسان الشافعي.
مخ ۲۱