176

توالي التأنيس بمعالي ابن إدريس

توالي التأنيس بمعالي ابن إدريس لابن حجر

ژانرونه

وقال الحاكم: أخبرني أبو الفضل بن أبي نصر ثنا محمد بن عمرو البصري حدثني محمد بن الحسين بن إبراهيم قال: قال الربيع بن سليمان: دخلنا على الشافعي عند وفاته أنا والبويطي والمزني وابن عبد الحكم، فنظر إلينا الشافعي فأطال ثم التفت إلينا فقال: أما أنت يا أبا يعقوب فستموت في حديدك، وأما أنت يا مزني فيسكون لك بمصر هنات وهنات، ولتدركن زمانا تكون أقيس أهل زمانك، وأما أنت يا محمد فسترجع إلى مذهب أبيك، وأما أنت يا ربيع فأنت أنفعهم لي في نشر الكتب، قال الربيع: فكان كما قال.

وذكر القاضي عياض في المدارك قال: قال الربيع: كنا جلوسا في حلقة الشافعي بعد موته بيسير، فوقف علينا أعرابي فسلم ثم قال: أين قمر هذه الحلقة وشمسها؟ فقلت: مات، فقال: رحمه الله وغفر له بما كان يفتح ببيانه منغلق الحجة ويسد في [وجه] خصمه واضح المحجة، ويغسل من العار وجوها مسودة، ويوسع بالرأي أبوابا منسدة ثم انصرف.

قلت: اشتهر أن سبب موت الشافعي، أن فتيان ابن [أبي] السمح المالكي المصري وقعت بينه وبين الشافعي مناظرة، فبدرت من فتيان بادرة فرفعت إلى أمير مصر فطلبه وعزره، فحقد ذلك فلقي الشافعي ليلا فضربه بمفتاح حديد فشجه، فمرض الشافعي منها إلى أن مات، ولم أر ذلك من وجه يعتمد، وقد ضمن ذلك شيخ شيوخنا أبو حيان في قصيدته التي مدح بها الشافعي.

قرأت على شيخ الإسلام أبي حفص عمر بن أبي الفتح فيما انتقيت له في آخر الأربعين عن العلامة أبي حيان محمد بن يوسف بن علي بن حيان فيما أنشدهم لنفسه سماعا في الشافعي من قصيدته المشهورة التي أولها:

غذيت بعلم النحو إذ در لي ثديا ... فجسمي به ينمى وروحي به تحيى

ألا إن علم النحو قد باد أهله ... فما إن ترى في الحي من بعدهم حيا

سأتركه ترك الغزال لظله ... فأتبعه هجرا وأوسعه نأيا

وأسمو إلى الفقه المبارك إنه ... ليرضيك في الأخرى ويعليك في الدنيا

هل الفقه إلا أصل دين محمد ... فجرد له عزما وجدد له سعيا

وكن تابعا للشافعي وسالكا ... طريقته تبلغ به الغاية القصيا

سمي الرسول المصطفى وابن عمه ... فناهيك مجدا قد سمى الرتبة العليا

مخ ۲۰۰