وَلَقدْ أتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أيُّكُمْ بَايَعْتُ: لَئن كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عليَّ دِينهُ، وَإنْ كَانَ نَصْرانِيًّا أَوْ يَهُودِيًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ، وَأَمَّا اليَوْمَ فَمَا كُنْتُ أُبَايعُ مِنْكُمْ إلا فُلانًا وَفُلانًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قوله: «جَذْرُ» بفتح الجيم وإسكان الذال المعجمة: وَهُوَ أصل الشيء وَ«الوكت» بالتاء المثناة من فوق: الأثر اليسير. وَ«المَجْلُ»
بفتح الميم وإسكان الجيم: وَهُوَ تَنَفُّطٌ في اليدِ ونحوها من أثرِ عمل وغيرِهِ. قوله: «مُنْتَبرًا»: مرتفِعًا. قوله: «ساعِيهِ»: الوالي عَلَيهِ.
يعني: أنَّ الأمانة نزلت في القلوب بالفطرة، ثم نزل القرآن شفاء من الجهل، نور على نور، وقول حذيفة: حدثنا رسول الله ﷺ حديثين - يعني: في الأمانة -، وهذا أحدهما.
والثاني قوله: ثم حدثنا عن رفع الأمانة، ولا تقبض الأمانة إلا بسوء العمل. قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد (١١)] .
[٢٠١] وعن حُذَيفَة وأبي هريرة ﵄ قالا: قَالَ رَسُول الله ﷺ: «يَجمَعُ اللهُ ﵎ النَّاسَ فَيَقُومُ المُؤمِنُونَ حَتَّى تُزْلَفَ لَهُمُ الجَنَّةُ، فَيَأتُونَ آدَمَ صَلَواتُ اللهِ عَلَيهِ، فَيقُولُونَ: يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لَنَا الجَنَّةَ، فَيقُولُ: وَهَلْ أخْرَجَكُمْ مِنَ الجَنَّةِ إلا خَطيئَةُ أبيكُمْ ! لَسْتُ بِصَاحِبِ ... ذلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى ابْنِي إِبْراهيمَ خَلِيل اللهِ.
قَالَ: فَيَأتُونَ إبرَاهِيمَ فَيَقُولُ إبراهيم: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذلِكَ إِنَّمَا كُنْتُ خَليلًا مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ، اعْمَدُوا إِلَى مُوسَى الَّذِي كَلَّمَهُ الله تَكليمًا. فَيَأتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُ: لستُ بِصَاحِبِ ذلِكَ، اذْهَبُوا إِلَى عِيسى كلمةِ اللهِ ورُوحه، فيقول عيسى: لستُ بصَاحبِ ذلِكَ.