ولم ينو المرتضى رضي الله عنه ملابسة هذا الأمر، ولم يرد اعتناقه والقيام به بوجه من الوجوه؛ لمعرفته بسوء نية أهل اليمن وعلمه، ولكنه لم يؤيسهم ولم يبعدهم من طلبتهم، خوفا من تغلب القرامطة على تلك البلاد، وخشية على الضعفاء والأرامل والأيتام من السبي والغارة، فكاتب حلفاء أبيه الهادي عليه السلام من قواد بلاد اليمن ومخاليفها فاقرهم علىما كانوا يتولونه من الأعمال وأمرهم بضبط ما في أيديهم ومحاربة من قصدهم من القرامطة والمخالفين، وأمرهم بالتعاون والتناصر، وأن يمد بعضهم بعضا إذا احتاجوا إلى ذلك، وأمرهم أن يقسموا الأعشار والصدقات، وما يجري مجراها من الأموال على ما كان الهادي رضي الله عنه يقسمها، لم يتناول منها درهما فما فوقه، ولم يتناول من طعامهم طعاما.
فلما استقامت له الأمور، جد في تسريب الخيول لقتال القرامطة وأهل البدع والزيغ في الإسلام، فنصر الله أولياءه على أعدائه، وعلت كلمة الحق وقتل القرامطة في كل فج، وآمن الله المرتضى لدين الله والمسلمين من شر القرامطة، وجعل دائرة السوء عليهم، وقتلوا في كل موضع. والحمد لله رب العالمين.
مخ ۵۳۴