تتمت بیان په افغان تاریخ کې
تتمة البيان في تاريخ الأفغان
ژانرونه
وفي أثناء ذلك اتفق أن محمد أكبر خان الذي كان بعد أسر أبيه دوست محمد خان يجوب المدن ويجول في البلاد، ورد مع جماعة من رجاله على مدينة باميان، فاجتمع به هؤلاء وانضم إلى الجميع أيضا جماعة من طائفة الغلجائي الذين كانوا قد فرض لهم الإنجليز راتبا ثم قطعه عنهم حكمدار الإنجليز في الهند ضنا وشحا، فاشتدت الفتنة وعظم الخطب فبادر الإنجليز بإرسال «مكننكتن» و«منتس» مع جماعة من العساكر لتدارك الأمر وكف شر هذه الفتنة، ولما زايلوا كابل، وصاروا على مسيرة ثلاثة فراسخ منها خرجت عليهم شرذمة من طائفة الغلجائي، وصادروهم، وقتلوا منهم نفرا، فوقف الجيش عن المسير، ثم لحق بهم الجنرال سيل، مع أفواج من العساكر، بقصد مبارزة محمد أكبر خان، ولكن كانوا في غاية الرهبة والخوف من إغارة الأفغانيين، وفي ليلة عشرين من رجب بعثوا يطلبون مددا من العساكر أيضا فوصلهم المدد وقصدوا مكمن محمد أكبر خان ووقعت بينهم وبين الأفغانيين - وفي أثناء الطريق - محاربة استمرت يومين، ولم يظفروا به. وفي خلال ذلك كان شاه شجاع قد سجن شخصا اسمه حمزة خان الغلجائي فهاجمت خواطر الغلجائيين، وثار منهم ثلاثة آلاف، وسدوا طريق كابل من سائر أطرافها، فخرج ميجر كريفس خارج المدينة، ووقع القتال بينه وبينهم، وقتل جماعة من أكابر الإنجليز.
وفي غرة شعبان هاج أهل المدينة وغلقوا حوانيتهم، وهجموا على منزل إسكندر برنس، وفتكوا به، وصلبوه على قارعة الطريق، ثم انصبوا على خزينة الحكومة فنهبوها، وكانت الخزينة إذ ذاك تحت نظارة جانسن، ولما سمع شاه شجاع وهو في «بالاحصار» بما كان من الأمر أرسل ابنه في رجال من الجند، ومعهم مدفعان، ولكن لم يجد ذلك في إطفاء نار الفتنة نفعا.
ثم هجم الأفغانيون في الرابع من شعبان فاستولوا على «باغشاه» وقلعة «محمد شريف»، ووضعوا حامية لقطع المواصلة بين القلعة التي احتكر فيه الإنجليز ذخائرهم وبين استحكاماتهم، وكانت عبارة عن رصيف يبلغ ألف ذراع طولا وستمائة ذراع عرضا، وعمدوا بعد ذلك إلى قلعتهم المذكورة فحاصروها، وكان بها «أنسن وارن» مع فوج من الهنود وطائفة من الحرس، لكنهم لم يستطيعوا فك حصار الأفغانيين عنها، حتى رضي الإنجليز بترك القلعة لهم، وإنما أرسلوا «كابتان سوين» مع طائفة من العساكر لاستخلاص أنسن وارن وإنقاذه من أيديهم، ولكن الأفغانيين أوقعوا بهم إيقاعا، فقتل كابتان سوين وكثير ممن كانوا معه ورجع الباقي منهزمين إلى المعسكر، ثم أرسلوا «أنسن كارون» مع جماعة أيضا من العساكر لإنقاذه، فلاقوا ما لاقاه الجيش الأول.
ثم ذهب «كابتان بويد» عند سردار عموم العساكر وقال: «لو سلمت القلعة إلى العدو فإنه فضلا عن أننا نخسر نحوا من خمسين ألف جنيه قيمة ما فيها من الذخائر لم يبق لدينا من القوت ما يكفينا سوى يومين، فماذا نصنع وليس بالسهل جلب الأقوات والذخائر لبعد الشقة؟» ولما وعي السردار ما قاله له كابتان بويد أرسل إلى أنسن وارن ليثبته، ويأمره بأن يقاوم ما استطاع، وأن يحذر من تسليم القلعة، ويعده بأنه سيدركه عما قليل بالمدد، فأجابه أنسن وارن بأنه : «إذا لم يدركنا المدد هذه الليلة فلا نجاة، ولا مخلص لنا من العدو، إذ أخذ ينقب علينا أحد أبراج القلعة حتى اشتد الخوف، وتمكنت الرهبة من قلوب رجالنا، وحتى إن بعض الحامية ألقى بنفسه من القلعة رهبة ووجلا، فإن لم تدركونا الليلة بتنا في قبضة عدونا.»
ولما وصل هذا الجواب جمع السردار رؤساء الجيش وأمراءه، وتفاوض معهم، مستمدا من رئيسهم حيلة يتوصل بها إلى تخليص القلعة ونجاه حاميتها من بلاء العدو، فجمعوا أمرهم على إرسال المدد في ليلتهم، اعتمادا منهم على أن الأفغانيين يجهلون وجوب الحراسة، ولزوم التيقظ والانتباه، لكن رأوا من الاحتياط أن يبثوا الجواسيس أولا ليأتوهم بحقيقة أمرهم، فأرسلوا كابتان جان، فلم يلبث أن غدا عليهم بما آيسهم من إمكان إيصال المدد، إذ رأى الأفغانيين على يقظة يتشاورون في أمر الاستيلاء على القلعة في تلك الليلة، فأضربوا عن إرسال المدد، وعند الفجر زحف الأفغانيون على القلعة ببأس وإقدام شديدين، وأحرقوا بابها، فخرجت حاميتها من الباب الآخر، وهربوا إلى معسكرهم، فاستشاط الإنجليز من ذلك غيظا ودعتهم خشية العار ومخافة الجوع إلى أن يبعثوا بجيش إلى قلعة محمد شريف ليستولي عليها تحت قيادة ميجر، فأخذ ذلك القائد حينما شرع الجيش في المسير يروغ حينا ويتوارى حينا آخر، فلما رأى الإنجليز منه ذلك أجلوا مسيره، وفي الغد جهزوا جيشا تحت قيادة «كريفتس» وسار، فاستولى على قلعة محمد شريف، وعلى نصف باغشاه، بعد حرب قتل فيها عبد الله خان، وقاتله كان كابتان أندرس، ثم داخل الأفغانيين الحماسة، وأظهروا البسالة، حتى استردوا ما أخذ من باغشاه وفتكوا بالإنجليز، وقتلوا منهم عددا كثيرا، وفي اليوم الثامن من شعبان انضم «قزل باشا» كابل إلى الأفغانيين، وأخذوا في ثغر قلعة محمد شريف، فغلب الخوف على الإنجليز، واستولى عليهم من الطيش والدهشة ما لا مزيد عليه، وفي خلال ذلك مرض سردار عموم العساكر الإنجليزية، فرأى الوزير المختار الإنجليزي «أي الحاكم العمومي أو القنصل» وكان اسمه «سير وليم» أن يقيم مقام هذا السردار أحدا سواه، فاستدعى لذلك «بريك دير مشيل تان» فأجابه، وجمع من كان في بالاحصار من عساكر الإنجليز وعساكر شاه شجاع، وقادهم إلى الاستحكامات، وعند وصوله فبدلا من أن يشجعهم ويثبت أقدامهم، قام في المعسكر وقال: «اعلموا أن لا طاقة لنا على مقاومة الأفغانيين، ولو ثبتنا لاستأصلوا آخرنا فالأجدر بنا أن ننجلي عن هذا المكان، ونلحق بجلال آباد، ونتحصن فيها.» فأجابه السردار قائلا: «إنا لن نبرح من ها هنا، بل لا نزال ندافع عن أنفسنا ما استطعنا، فإن خروجنا ومقابلتنا الأفغانيين بالبادية ما هو إلا أن نلقي بأنفسنا في أفواه الأسود.»
فزاد اختلاف الكلمة بينهم خوفهم وضاعف وجلهم، وكان من أمر الأفغانيين في هذه الأثناء أن استولوا على المرتفعات المشرفة على المعسكر شرقا وغربا، وعلى برج «ريكاباش»، وأخذوا يمطرون على الإنجليز كرات المدافع، ويصبون على رجالهم رصاص البنادق، فبادر الوزير المختار إلى استنهاض «شلتان»، وأمره في الحال بالحملة على قلعة «ريكاباش» فتأهبت العساكر، وهمت بالخروج من الجانب الشرقي، فضل «كابتان بلو» الطريق بمن قادهم، وخرج من جانب آخر، ففاجأه الأفغانيون، فارتعدت فرائصه، ونزل به ما تمنى الموت دون لقياه، فأوقعوا به، وقتلوا من رجاله مقتلة عظيمة، فهم «كولونيل مكرلان» و«ليفتنانت برت» بأفواجهما لاستنجاد «كابتان بلو» فحال الأفغانيون بينهما وبينه، ووضعوا السيف في العسكرين جميعا، وإذ رأى شلتان هذا الهول دبت فيه الحمية، فأمر الجيش عموما بالحملة على الأفغانيين، فهاجموهم دفعة، فصدوا ثم عاودوا الهجوم، فردوا، ثم استأنفوا الهجوم، وفي هذه الكرة لم يبق منهم في قيد الحياة إلا «ليفتنانت برت» ورجل آخر، ولم تخسر الأفغانيون في تلك الواقعة الهائلة إلا ثلاثين فارسا، ووفق الإنجليز في خلال كرهم وفرهم في هذه الواقعة أن استولوا على قلعتي «ريكاباش» و«ذي الفقار»، وأصابوا فيها مقدارا من الحنطة فأخذوا أن يجمعوه ويذهبوا به إلى معسكرهم، ولكن لم يلبثوا أن أقبل الليل، وهاجمهم فيه الأفغانيون وثغروا هاتين القلعتين عليهم، وتم استردادهما ليلا وأجلوهم عنهما منهزمين.
وفي الثالث عشر من شعبان قامت طائفة من الأفاغنة، ووضعت ثلاثة مدافع على رابية مشرفة على المعسكر الإنجليزي من الجانب الغربي وأطلقوها عليهم، فالوزير المختار أمر «شلتان» أن يخرج إليهم «ميجار شتوين» فخرج في فريق من العساكر، حتى صار على مسافة اثنتي عشرة ذراعا من مشاة الأفغان، فوقع القتال بينهما، وثبت الأفغان يومها، وأبلوا بلاء حسنا، لكن لما حمي الوطيس، عاد فرسانهم، فاضطرت مشاتهم إلى الرجوع، فاستولى الإنجليز على الرابية، وكسروا عجلة أحد المدافع الثلاثة، وأخذوا الاثنين الباقيين إلى المعسكر، فارتاحت لذلك خواطر الإنجليز بعض الارتياح، وكاد أن يعاودهم بعض ما فقدوا من النشاط، لولا أن جاءهم من قبل الجنرال «سيل» الذي كان مقيما في جلال آباد خبر بأن ليس في طاقته أن يمدهم قبل مضي فصل الشتاء فقنطوا، لكن رأوا حرصا على الحياة أن يتحيلوا لأخذ استحكام محمد خان إذ كان هو المانع من وصول الذخائر إليهم من بالاحصار، فأقعدهم عنه «استورث» المهندس بقوله: «لا طاقة لعساكر الإنجليز على المقاومة بعد.» فعدلوا إلى رأي آخر، وهو أن يستولوا على قرية «بيجارو» التي كانوا يتداركون منها أقواتهم، فأرسلوا «ميجار شتوين» مع عدد وافر من العساكر، فوجد الأفغانيين قد سبقوهم إلى الاستيلاء عليها، فاقتتلوا هناك حثيثا، وكانت الدائرة على الإنجليز، فنكصوا على أعقابهم خائبين وقد جرح كثير من ضباطهم.
وفي الثامن والعشرين من شعبان قدم محمد أكبر خان من باميان إلى كابل، وتواطأ مع الأفاغنة على كلمة واحدة، وفي ذلك اليوم بعينه أجمع الإنجليز رأيا على الاستيلاء على قلعة بيجاور فأمر الوزير المختار شلتان بالمسير إليها فسار هو وميجار شتوين وميجار قارش في أفواج من العساكر حتى بلغوا محلا مشرفا على تلك القلعة، وكان معهم مدفع واحد ليس غير، ولم يكن في القلعة سوى أربعين رجلا، ثم إن شلتان ندب ميجار شتوين لطريق غير مسلوك، فأوقع بهم هناك حتى قتل منهم جماعة وجرح ميجار شتوين، وإذ رأى شلتان تلك النازلة أمر ميجار قارش ومائة من المهندسين أن يسارعوا إلى وضع استحكام يقيهم من بلاء العدو، فقبل أن يتمموا وضعه، أبصروا عشرة آلاف رجل من أهل كابل على جبل مشرف عليهم بحيث يصلهم رصاصهم، ففي الحال أمر «كولونيل أوليور» أن تتأهب تلك العساكر، وتنتظم على شكل قلعة وتصطف الخيالة من خلفهم، ويهجم الجميع بهذا الانتظام على الأفغانيين المذكورين، فعاجلتهم خيالة الأفاغنة بالهجوم على ميمنتهم وحاصروا «ليفتنت واكر» وجرح من الأفغانيين أحد عظمائهم، ثم عمموا الهجوم عليهم من ثلاثة جوانب فضايقوهم، وفتكوا بهم فتكا ذريعا، فطلبوا إلى الفرار سبيلا، إذ إن خيالتهم قد جبنوا عن الهجوم حينما أمرهم به القائد، ورجعوا القهقري، فاستولى الأفغانيون على مدفعهم وذخائرهم، واختاروا العود إلى البلد نظرا لكون أحد عظمائهم المذكور أصبح جريحا، فاختلس الإنجليز هذه الفرصة، وأسرعوا إلى الجبل، فاسترجعوا مدفعهم، وأطلقوه على ظهور الأفغانيين فانقلبوا عليهم وهاجموا مهاجمة الغيظ والحنق، فتبدد شمل الإنجليز، وتفرقوا، وولى من بقي منهم الأدبار فردا فردا، وما برح الأفغانيون يطاردونهم حتى أوصلوهم معسكرهم العمومي، ولم يصدهم عنهم إلا جدران الاستحكام، ولما اشتد على الإنجليز الكرب، وعظم بهم الخطب جنحوا للسلم، فأرسل الوزير المختار إلى الأفغانيين رسولا يدعوهم مستعطفا إلى المسالمة فقالوا: «نجيبكم على شرط أن لا يلبث في بلادنا من جنس الإنجليز ولا واحد.» ثم اقترحوا عليهم أيضا أمورا لم يجد الوزير المختار سبيلا إلى قبولها وكبر عليه الرضاء بها، فقام من مجلس رسل الأفغانيين وهو يقول: «إن يوم القيامة لقريب، وسيجمعنا الميعاد، ويتبين الظالم من المظلوم ويتميز الحق من الباطل.» ثم بعد ذلك وقعت بينهم مناوشات استرد الأفغانيون فيها قلعة محمد شريف في السادس من رمضان؛ فضاقت الإنجليز ذرعا، ورأت أن لا محيص من المسالمة طوعا أو كرها، فكتب الوزير المختار سجلا ينطوي على معاهدة بينه وبين الأفغان ووقع عليه هو و«شيلتان» و«دنيكتل» و«جميرنر».
وفي الحادي عشر من رمضان خرج هذا الوزير مع «كابتان لارنس» و«تردز» و«مكنيزي» وعدد من رجاله إلى قرب جبل «سياه سنك» وعقد هناك مجلسا مع جماعة من أكابر الأفغانيين، ثم قام فيهم خطيبا، وقال مستميلا عواطفهم إليه: «إنا - معشر الإنجليز - طالما عززنا الأمير دوست محمد خان ، ورفعنا شأنه وأكرمنا مثواه في كل مكان.» ثم أبرز السجل وعرضه على المجلس وكان مضمونه: «على الإنجليز أن تخلي قندهار وقزنة وكابل وجلال آباد وسائر البلاد الأفغانية على شرط أن يعطيها الأفغانيون رجلا من أكابرهم رهنا حتى تخرج من تلك البلاد بسلام، وإذا وصلت العساكر الإنجليزية إلى الهند بادروا بإرسال الأمير دوست محمد خان، وعلى الأفغانيين أن يرتبوا لشاه شجاع «لك روبية» يأخذها سنويا أينما كان سواء أقام في أفغانستان أو خرج منها، وعلى الإنجليز أن لا تدخل عساكرهم في بلاد الأفغان إلا برضى أهلها.»
ولما رفع هذا السجل إلى محمد أكبر خان، فبعد الجرح والتعديل فيه، قرر أنه يجب على الإنجليز أن تخلي سائر البلاد والقلاع في مدة ثلاثة أيام، وهو يجري عليهم في الميرة والمئونة، فشرعت الإنجليز على عجل بنقل العساكر من بالاحصار وإخلاء القلاع، مع ذل ومسكنة لا مزيد عليها، على أن محمد أكبر خان لم يوف بوعده متعللا بأنه لا تطيب نفسه بإجراء المئونة عليهم ما لم يخلوا القلاع بالمرة.
ناپیژندل شوی مخ