د لوتس اغېز: د نانو ذرات په هکله ناول چې په بیومیڈیکل ریسرچ کې کارول کیږي
تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي
ژانرونه
الفصل الخامس والثلاثون
ارقدي في سلام
جلست فاندا على مكتبها بالمعهد، ولم تتمكن من التركيز جيدا على رسالة الدكتوراه التي كان شتورم قد وضعها لها في الدرج قبل سفره. كان المطلوب هو أن تكتب تقريرا عنها، لكن عذبتها اللغة الطبية الطنانة التي تشي بوضوح بأن كاتبها مبتدئ لم يؤلف نصا علميا من قبل قط. كان الأمر جد شاق، وأيضا أغضبها أنها هي التي ستدفع ثمن أن هذا الباحث لم يتلق الإشراف الجيد. لماذا ليس من الممكن إظهار تقصير الأستاذ المشرف دون الإضرار بالطالب؟
ظلت نظراتها تتجول خارج النافذة وتشرد في الطبيعة الممتدة أمامها بلونيها البني والرمادي. لم يفارق حديثها مع توماس ذهنها. لقد تصرفت وكأنها طفلة صغيرة بائسة ما لبثت أن تعلقت بذراع زميلها المنقذ الذي كان مارا بالصدفة، ورغم أنها شعرت بالارتياح للمنحى الذي اتخذته الأمور، فإنها لم تكن راضية. لكن لماذا؟ ألقت باللائمة على نفسها: «لقد تصرفت منذ قليل بعفوية وكأن الأمر يخصك وحدك، لم تتشاوري حتى مع زابينة»، لكنها كانت معتادة على أخذ القرارات بمفردها، فهي لها رأس بذاتها، وهذا الرأس هو ما يميزها كعالمة. الآن يريد توماس أن يساعدها في الخروج من الورطة. كانت تحسده على وضوح رؤيته. لقد أراني كيف أخرج نفسي من المأزق، إنه محق، الأفضل بالفعل أن أترك الأمر. لماذا لا أنجح في ترك المسألة؟ تأملت الهاتف وسألت نفسها: ولماذا لا أتصل الآن بقسم علم الفيروسات وألغي كل شيء؟ إنهم بالتأكيد لم يبدءوا بعد. لم تمارس زابينة عملها على النحو السليم. لكن هذا قد يحدث لأي شخص، ربما كانت الحيوانات مصابة سلفا حين أتى بها المربي إليهم. وإن كان. كان بإمكانها أن تفحصها أولا. لكن من أصلا يفعل هذا؟ أنا أيضا لم أفحصها. أستريد ستهرع إلى الرئيس مباشرة حين تعرف المسألة. رودي عنده حق. علي ألا أحمل الأمور أكثر مما تحتمل. ماذا أريد أن أثبت لنفسي؟ أنني أيضا أستطيع أن أكون وفية لو تطلب الأمر؟ أني واعية بواجباتي وأني مخلصة؟ لا، لكني لا أحب المفاجآت. ولهذا كانت دائما تفضل أن تكون مستعدة لأي موقف شائك، وكانت دائما تتخيل كيف تتصرف في الحالات المختلفة. الآن ولأول مرة تظهر مشكلة من العيار الثقيل مما أصابها بالذعر.
كان الكرسي لا يزال على الوضع الذي تركه عليه توماس، غائرا بفعل وزنه، دافئا برائحة جسده، ثم رنين صوته في الغرفة. شيء ما منه ظل عالقا في الغرفة، كانت لا تزال تستشعر الحيوية التي يستطيع أن يوقظها فيها، وكأن برعما خفيا يتفتح بداخلها. كان تبلد مشاعرها ملقى على الأرض مثل شرنقة قديمة. رغم ذلك كانت تشك في استمرار هذه الحالة وثباتها. فتخيل وجود توماس في الغرفة كان ألطف كثيرا من وجوده الفعلي حين جاء وجلس وأربكها بملاحظاته وأسئلته، هذا لا يمنع أنها تستطيع أن تقول لشبحه إنها في غاية السعادة وتتطلع لحفل رأس السنة الجديدة بشغف.
غادرت فاندا المعهد نحو الساعة الخامسة. لم تكن قد اتصلت بأخصائي الفيروسات، ولا حاولت أن تتصل بزابينة أو يوهانيس، لكنها كانت تستشعر الرغبة الملحة في أن تفضي بكل شيء. في الغد سيتحدث توماس إلى شتورم، ثم سنرى بعدها.
في طريقها إلى المحطة أشارت بيدها إلى الحافلة التي أغلقت أبوابها قبل أن تصل إليها فاندا. لم يرها السائق أو ربما لم يرد أن يراها. أخذت الحافلة التالية التي وصلت بعد الأولى بقليل وكانت تسير عبر الطريق الطويل في قلب المدينة، وهناك نزلت فاندا واشترت زبدا، وجبنا، وبيضا، ودقيقا ووجدت عرضا خاصا على النبيذ الأحمر من نوع شيانتي، ثم عادت إلى المنزل سيرا على الأقدام، لتجد عربة نقل صغيرة مركونة في مدخل البيت، وحين حاولت أن تنسل بين الحائط والعربة تمزق كيس مشترياتها، فتدحرجت زجاجة الصابون على الأرض، لكنها كانت من البلاستيك فلم تنكسر. أما النبيذ فقد التقطته فورا.
في طرقة المنزل صعدت رائحة بيرة قديمة إلى أنفها، وبدا أن عدد صناديق الكحول الخاصة بجيرانها لم يتغير. علت الشعرة الداكنة التي تضعها في إطار باب شقتها ثنية مزدوجة، هكذا كانت تشبه آخر حرف في الأبجدية. معجون أسنان، لقد نسيت أن تشتري معجون أسنان. كانت فاندا تشعر بالإنهاك، وفي الوقت نفسه استشعرت دفئا قويا يملأ نصفها السفلي. فكرت لوهلة أن تغير ملابسها وتستلقي في فراشها حتى تتخلص من التوتر، لكنها ظلت تفكر كثيرا؛ إذ كان الصمت غير المحتمل في شقتها يشكو إليها حاله: بالكاد تتواجدين هنا، لا تفعلين أي شيء من أجلي بتاتا، من أجلنا جميعا. هل تريدين حقا استقبال ضيف في هذه الحظيرة؟ كيف يا ترى يعيش توماس؟ وما إن بدأت تشغل سي دي، وتشرع في رص البيض بالثلاجة حتى دق جرس الباب. هدر صوت رجالي من سماعة الاتصال الداخلي يخبرها أنهم جاءوا لتسليم طاولة. تذكرت فاندا أمر عربة النقل الصغيرة، لقد كانوا في انتظارها هي. «لكنكم كنتم ستحضرون في الغد.» فلتت العبارة منها بمزاج معتل. «نحن هنا اليوم.» فتحت فاندا الباب، فدخل الرجلان إلى الشقة ثم حملا المكتب ذا الأرفف إلى غرفة المعيشة. وطلب البدين الذي كان يعتمر قبعة المال فورا ونقدا، بينما استغرق زميله الضئيل في نوبة سعال جاف ابتلعت صوته. دفعت وكانت سعيدة أن الرجلين غادرا، إلا أن رائحتهما علقت بالشقة؛ مما اضطر فاندا إلى فتح النوافذ.
طردت نسائم المساء الباردة روائح العرق والنيكوتين. دارت حول المكتب تمسحه وتفكر فيما إذا كانت فكرة أن تأخذه عندها فكرة سديدة حقا. أين المكان المناسب لوضعه؟ أمسكت بالمرآة التي تأرجحت، وبحذر جرته إلى جوار رفوف الكتب. كان المكتب يتأرجح كلما وضعت يدها على القرص البارد، فأخذت ورقة وطوتها ودستها في الفراغ ما بين الأرضية ورجل المكتب. هل رأيت أبي يجلس يوما إلى هذا المكتب؟ لا أذكر. لقد كان أبوها سريع الغضب لدرجة أنها لم تعد تجرؤ أن تدخل إليه في غرفته على سطح المنزل. الآن يقف مكتبه عندها هنا.
كان الدرج لا يزال مغلقا. «لم أستطع أن أتمالك نفسي، كان لا بد أن أراك ثانية.» سمعت صوت المطربة نورا جونز العابث يزيد من اضطرابها الداخلي، «في وسعك أن تحلمي.» حين تذكرت هذا السطر كانت قد استغرقت في أنغام الموسيقى، واستطاعت أن تسمع صوت الصداع الذي أخذ ينتشر في كل نقطة من نصف وجهها. هل يداهمني دائما حين أحاول أن أسترخي، أم تراني لا أشعر بوجوده إلا حين أسترخي؟ أحيانا الطعام يخفف من ألمه. جهزت مكرونة اسباجيتي في دقائق معدودة، وصبت صلصة البستو من البرطمان. بعد الأكل خفت حدة الألم قليلا، لكنها لم تثق تماما في هذا الهدوء اللحظي، ولهذا تناولت قرصي مسكن قبل أن تخلد للنوم. •••
ناپیژندل شوی مخ