131

د لوتس اغېز: د نانو ذرات په هکله ناول چې په بیومیڈیکل ریسرچ کې کارول کیږي

تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي

ژانرونه

كان الخطاب مؤرخا بالسنة التي ولدت هي فيها.

الفصل التاسع والأربعون

بضاعة مهربة

استمر الشتاء قليلا، لكن تقلبات درجات الحرارة ألقت بظل من الشك على وجوده؛ إذ كان موسم البرد يتصرف مثل مريض في فترة النقاهة، تعاوده نوبات النكوص لكنها أضعف في كل مرة من سابقتها. ثم تهالك تدريجيا ومات موتا بطيئا، وقد نسيه الجميع سريعا بمجرد دخول الربيع، وفي نفس الوقت زادت حمى شعب يعشق كرة القدم. عرفت فاندا أخبارها من الجرائد والمجلات التي تقرؤها في غرفة الانتظار بعيادة طبيب الأسرة، كما في ذلك الوقت. لم تكن تهتم بكرة القدم، فأخذت تقلب الصفحات الكثيرة بلا نهاية التي تخبر عن الحدث، ولهذا لم يفرق معها كثيرا أن فريق ساحل العاج لم يعد يتخذ معسكره في ماربورج. كانت أيامها في هذه المدينة معدودة، فالرحلة التي تنبأت لها بها الشابة التركية في برلين صارت على وشك أن تتحول إلى حقيقة؛ فلجنة تحكيم من لجان المؤتمر كافأتها على عرضها المؤثر ودراستها الكاشفة بجائزة بحثية تستطيع بموجبها أن تكمل أبحاثها في الخارج لمدة عام، لكن قبل ذلك أرادت أن تستكمل مشروعا مهما حتى النهاية.

بعد محاضرتها في برلين اتصل شتورم بمدير شركة بي آي تي. كان يجب أن يعرف باول تورمان من شتورم شخصيا أن الجين المستخدم في نانوسنيف تسبب في نشر فيروس بين الفئران. لم يخف شتورم هذه المرة نسبة الوفيات، ولدهشته أبدى تورمان استعداده الكبير للتعاون، بل إنه اقترح أن يتم توثيق هذه الملاحظات من خلال التجارب المعملية. أما السبب في ذلك فقد عرفوه بعد عدة أيام حين جاء إليهم وسيط من أمريكا ليوصل عدة مليجرامات من مادة الاختبار. لقد قامت الحكومة الأمريكية بمصادرة كل كميات مادة «إن بي 2701» كلما اشتبهت في تواجدها بمكان ما بسبب أبحاث الشركات، كما طالبتهم بسحب طلبات الحصول على براءات اختراع؛ إذ تم الادعاء بأنهم تجاوزوا الاتفاقات المبرمة، ومحامو الحكومة أصروا على الدفع بأن مادة «إن بي 2701» هي ملكية خاصة للحكومة، ومن ثم فإن للحكومة الحق في أي تطور ينشأ عن هذه المادة. أما الممثلون القانونيون للشركات فعارضوا هذا التفسير للتعاقدات المبرمة، وما دام لا يوجد حكم قانوني في هذه المسألة فستسود حالة طوارئ غير رسمية، وستطول مدة المفاوضات. •••

كل هذا عرفته فاندا من بيتر سنايدر الذي عاد يكتب إليها من جديد، لكنه لا يزال يكتب من عنوان خفي. وجاء في رسائله كذلك: «ذات صباح وقف عشرة رجال أمام بابنا، لدرجة أني ظننت أن فرقة الإبادة قد حضرت، لكن ما لبث أن ظهر أنهم أقرب لفرقة من العاملين بالنظافة. وقالوا إن عليهم تفتيش المكان. ولو أنهم طلبوا شرب القهوة لوقعت في حرج بالغ؛ إذ لا يوجد في مكتبنا سوى ثلاثة فناجين. فعشرة أشخاص عدد كبير. ظلوا واقفين على أقدامهم في الحجرات الصغيرة.» كانت الإشارات إلى المعمل الكائن في ماربورج قد محيت، وكانت هذه هي الجملة التي سمحت لفاندا أخيرا أن تتنفس الصعداء.

لن يستطيع أحد أن يتوقع كم بقي لفاندا من الوقت، لكن عليها أن تسرع إن أرادت أن تنهي دراستها في الوقت الملائم. كان أكبر عائق هو طلب إجراء تجارب على الحيوانات، وحتى تحصل على موافقة رسمية يدور فيها الطلب داخل الجهاز الحكومي من الممكن أن تنقضي ستة أشهر وهي لا تزال لم تغادر البلاد، لكنها هذه المرة تعقد النية على إنجاز كل شيء بالصورة الصحيحة . لقد أعلنت أن المواد التي يريدون العمل بها مواد معدية ومعدلة وراثيا، وأن كل التجارب ستجرى في قسم علم الفيروسات الذي يطبق شروط السلامة من بند «إس1»، وحتى «إس4». وصارت المسألة الآن في يد رئيس المعهد. لقد اتصل شتورم باللجنة المركزية للسلامة الحيوية في برلين، وهكذا وصلت الموافقة بعد أربعة أسابيع لتستقر على مكتب فاندا. وهكذا، يمكنها أن تبدأ البحث في الأول من شهر مارس. وفي بداية مايو عرفت فعلا أن ملاحظاتها يمكن توكيدها معمليا. تستطيع الآن أن تبدأ في الإعداد لنشر البحث. مهنيا سارت كل الأمور بسلاسة غير مسبوقة، لكنها لا تزال تعاني من تلك الرعشة في يديها، صحيح أنها ليست بنفس القوة التي كانت في الأسابيع الماضية، لكنها لا تزال رعشة خفيفة تسبب لها القلق.

وعبر نافذة غرفة الانتظار بعيادة الطبيب، رأت سماء عصر يوم جمعة خالية من الغيوم، ونحو الساعة الخامسة ستقابل الآخرين في مرج خلف قصر روتينبيرج. لا يزال عليها أن تنتظر دورها بعد هذين المريضين. كان الرجل الأكبر عمرا الجالس أمامها يتمخط ويدق الأرض بعصاه بنفاد صبر. أما المرأة الجالسة إلى جواره فكانت ترفع بصرها عن مجلتها وتحرك رأسها، بدا وكأنها أسيرة حالة دائمة من التبرم، لكنها ابتسمت لفاندا، فردت عليها فاندا بابتسامة رغم أن منظر السيدة كان يسبب لفاندا التوتر. حاولت أن تقرأ، لكن أفكارها لا تلبث أن تعود وتتجول في أحداث الأسابيع الماضية. ثمة أمور كثيرة ظلت معلقة. لقد تجمعت وتشابكت أسئلتها التي بلا إجابة مشكلة شبحا لحوحا يصعب عليها إزاحته جانبا.

وحين تفكر في توماس تتصلب رقبتها كلها حتى منابت شعرها. لا يزال مسيطرا عليها، وقد علمت من السيدة بونتي أنه ترك وظيفته بدون فترة إخطار مسبق ودون إبداء الأسباب، وفي هذه الأثناء تم إخلاء غرفة مكتبه. وذات مرة ذهبت فاندا إلى شقته، لكنها وجدت اسما آخر على لوحة الباب. لقد اختفى توماس ببساطة وبدأ في محو كل أثر مادي لوجوده أثرا بعد الآخر، ولم يترك لها ثغرة من خطأ تنفذ منها فتمكنها من الشعور بغضب أو حزن أو حتى سرور. أما هذا التلاشي الذي لا يخلف أثرا فقد جعلها تشكك في عقلها. وفي تلك اللحظات كانت أيضا الصورة التي التقطتها له قبل أن يولي هاربا تبدو لها وكأنها صورة لشبح. كانت تؤرقها فكرة أنه هو ذاته غير متاح لتمسك به، بينما هو يعرف كل شيء عنها، وبالطبع سيحافظ على مراسلاتها مع رودي حفاظه على أمانة ليضمن سكوتها. كانت مشكلتها أنها لن تستطيع أن ترد عليه بشيء، وكانت مقتنعة أن توماس مسئول عن المداهمات التي حدثت في المعهد وفي شقتها، لكنها لا تستطيع أن تثبت ذلك.

لم يستغرق فحص الدكتور جليزر هذه المرة وقتا طويلا، فالمفترض أن تكون هذه هي الاستشارة الأخيرة بعد سلسلة طويلة من الفحوصات. «لم يجد طبيب الأعصاب ضررا. يقول طبيب الأشعة إن الغدة الدرقية سليمة. طبيب النساء أفاد أن ...» «نسيت أخصائي الأمراض»، حاولت فاندا أن تمازحه. «لم نصل لتلك المرحلة بعد.» قطب جليزر جبينه قليلا بما يشي بقلة حيلته واستطرد: «لكن ارتفاع معدل الكريات البيضاء هو السبب الذي من أجله أردت أن أراك ضروريا مرة أخرى، إذ لم يعد ممكنا إثباته، فكيف تشعرين الآن؟»

ناپیژندل شوی مخ