د لوتس اغېز: د نانو ذرات په هکله ناول چې په بیومیڈیکل ریسرچ کې کارول کیږي
تأثير اللوتس: رواية عن جزيئات النانو في أبحاث الطب الحيوي
ژانرونه
فكتب ردا على السؤال السابق: «لقد طور بعض الناس القدرة على شرح الظواهر المعقدة بصورة موجزة. أينشتاين كان عبقريا. ولو كان مستثمرا في عصرنا الحالي للجأ إلى الحصول على التنبوءات الرقمية من أجل شركته الاستثمارية، تماما كما تفعل البنوك وشركات الاستثمار، وهذا لسبب بسيط هو أن أسواق المال بالغة التعقيد.» أومأ برأسه كما لو كان في حاجة إلى أن يدعم نفسه، وطبيعي ألا تعمل هذه الطرق بكفاءة إلا حين تكون الفرضيات مقاربة للواقع، فهي تجمع بين علم هائل، وملاحظات وخبرات، وتصيغ منها الفرضيات، مثلما يجمع العلماء البيانات من أجل إيجاد نظرية تمكن من التنبؤ بالنتيجة بقدر عال من الدقة. أليست الفرضية العلمية في ذاتها نبوءة؟ ودائما ما يكون الحكم الفصل في ذلك هو الواقع.
خاصة تقنيات طب النانو، لا تنتج سوى كثير من الزوابع وقليل مما يفيد حقيقة. على العلماء أن يحسنوا أداء واجباتهم أولا. كان يعرف عما يتحدث، ففي نهاية الأمر، إنه شخص من الداخل. إن عامل عدم الأمان الأول في هذا العمل هو الإنسان دائما وأبدا، ونانوسنيف هو أفضل دليل على صحة نظريته. إن النظرة الموضوعية تقول بأن نانوسنيف يعد معلما مهما على طريق التطور في استخدامات النانو العلاجية، والحصول على براءة اختراعه سيجعل شركة بوسطن للعلاجات المبتكرة تساوي ذهبا بين عشية وضحاها. لقد استثمر فيها أكثر من مليون دولار من أموال زبائنه. لم يخاطر بأموال بهذا القدر الطائل من قبل. وبعد أن تمكن شتورم من توقع الاندماج المزمع مع شركة لينكس فارما، قام هو أيضا وزبائنه بالشراء فيها، ولأول مرة ينغمس في مسألة ما انغماسا كليا، فلم يعد ثمة مجال للتراجع. ومن الناحية العملية، لم يكن من الممكن أن يرفض أسهما بهذا الحجم في هذا الوقت القصير؛ لأنه إن ساءت الأمور يستطيع ببساطة أن يختفي من المشهد، لكنه لن يترك «استثمار القرن» كي تفسده عليه عالمة جرفتها الحماسة. لم يكن يعرف أن برنامج الكمبيوتر التفاعلي الذي شغلته على جهازها يستطيع أن يربط نفسه ذاتيا بالبيانات الجديدة. لقد كان البرنامج أفضل مما توقع، وهكذا وجدت هي كل المواد المتعلقة بمن عمل عليه من قبلها وبموضوعاتهم مثل التولد الذاتي اللابنيوي والشيخوخة. كان مندهشا من السرعة التي وجدت بها مفاتيح العمل، ولهذا عمل على أن يجعل شتورم يبعدها عن المشروع، وبحماقته ظن أنها ستتكتم الأمر، فترك جهاز الكمبيوتر الخاص بها بالمعهد بلا فحص خلال عطلة نهاية الأسبوع، ولهذا لم يكتشف خطتها السرية إلا صباح ذلك اليوم. نظر في الساعة. لا بد أن شتورم هبط في مطار برلين الآن. وقع بصره على الصور المعلقة على الحائط قبالته، والتي كانت لا تزال تثير إعجابه. كان وقتها يجري التجارب مستخدما الأشكال الهندسية. أطلق عليها ضوءا وظلا. كانت الحدود واضحة بدقة. نجح في أن ينظر من منظور الأشياء ويسلبها الرؤية، وهذا تحديدا ما سيسلبه منها هي الآن. لن تفلت منه هذه المرة. •••
كانت رئيسة المؤتمر واحدة من الشخصيات السياسية اللامعة، قدرت فاندا أنها في بداية الخمسين من عمرها. لم تكن ضخمة البنية بل أقرب إلى القوام اللطيف، كانت ترتدي بدلة ذات لون رمادي داكن، وعقدا من اللؤلؤ الصناعي. أما فمها المطلي بأحمر شفاه، فكان يدل على المثالية واتباع نظام حديدي صارم. كانت خطبتها الافتتاحية تمور بعلامات التعجب وعلامات الاستفهام التي ينبغي أن تثار في مؤتمر مثل هذا، وأشارت إلى ضرورة أن نضع أصابعنا في الجراح المفتوحة، ورجاء نريد نقدا بناء، علامات تعجب. هذا تماما المجال الذي تريد فاندا أن تبذل جهودها فيه.
ورغم إعلان اسم ماكس شتورم كمتحدث، حياها رئيس الجلسة التي ستلقي فيها محاضرتها، وكأنه يتوقع مجيئها. تلفتت فاندا حولها؛ فبالنسبة لها كان هذا المشهد جديدا تماما. كان المجتمعون من المتخصصين في مجال استخدام الجينات الوراثية في العلاجات الجسدية. تأملت بعناية بطاقات الاسم المشبوكة على سترات المشاركين. كانت قد قرأت لبعض تلك الأسماء كتابات متفرقة في مكان ما، لكنها لم تكن تعرف أيهم بصفة شخصية. جلست في أحد الصفوف الأمامية، لكن في أثناء الجلسة لم تتمكن من التركيز في الأشياء التي يلقيها المتحدثون قبلها. كانت تتوتر كلما تخيلت أن شتورم ممكن أن يصل في اللحظة الأخيرة. من الذي أخبره؟ من عساه أن يعرف خطتهم بخلاف زابينة وبيترا ويوهانيس؟ طرأ على ذهنها رودي على نحو عفوي، وهزت رأسها من هذه الفكرة العبثية. لقد ذهبت مرة أخرى إلى المعهد صباح السبت لتسأله عن رأيه في محاضراتها، لم يجد أي مغالطات منطقية في خطتها، ورغم ذلك كانت تشعر بالتوتر. «لا يمكن أن نستغني عن مواصلة البحث في مجال ناقلات الفيروسات، إن كنا نريد أن نواكب السباق العالمي للحصول على براءات الاختراع فيما يختص باستخدام الجينات في العلاجات الجسدية.» تمكنت هذه العبارة بكل الإصرار الذي نطقها به المتحدث قبلها أن تنتزع فاندا من أفكارها «يوميا تنتقل فيروسات جديدة للإنسان. يحدث هذا في أسواق الحيوان بآسيا، أو أثناء الصيد المحرم في أفريقيا، أو عند تناول اللحم النيئ. هذه هي مكامن الخطر الحقيقية، لا المعامل.» بهذا البيان اختتم المتحدث عرضه، كان المستشار العلمي للحكومة الاتحادية. كان التصفيق الذي ناله محدودا لكن النقاش كان ساخنا. استشهد أحدهم بفيروس ماربورج، لكنه رده إلى قرد الجينون من أوغندا. وكان يبدو عليه الإعجاب بذاته. أشار رئيس الجلسة إلى انتهاء الوقت المخصص للنقاش، وأن موعد المحاضرة التالية قد حان. كانت ركبتا فاندا تصطكان، ويداها متجمدتين كلوحي ثلج حين صعدت في تمام الثالثة إلا الربع إلى منصة المتحدثين. «عليك أن تفكري في أكلتك المفضلة وأنت تنظرين نحو الجمهور.» تذكرت النصيحة التي همست بها زابينة لها وهي في طريقها إلى هنا. لقد أصبحت خبيرة في هذه المسائل بعد أن حضرت تدريبا لمدة أسبوعين من تلك التدريبات الممولة أهليا من أجل رفع كفاءة الموظفين.
تجولت فاندا بناظريها في القاعة، ثم تنفست الصعداء. فلم يكن شتورم موجودا في أي مكان. «السيد المبجل رئيس الجلسة، سيداتي وسادتي، يسعدني أن أقدم لكم اليوم نتائج آخر ما وصلت إليه أبحاثنا.» لماذا علي الآن تحديدا أن أفكر في بيوريه الكاكي بعجينة المارزيبان؟ كانت هذه هي آخر فكرة تصرف ذهنها قبل أن تبدأ في الضرب بمجدافيها خفيفا استعدادا للخوض في نهر محاضرتها، وفجأة عادت تتنفس بهدوء مثلما عادت ضربات قلبها للانتظام، واندهشت حين سمعت صوتها يخرج منها هادئا واثقا بصورة جعلتها تشد عمودها الفقري.
واصلت حديثها قائلة: «إن الأمراض العصبية المزمنة، الناجمة غالبا عن التقدم في العمر تتطلب طرق علاج جديدة كالعلاجات الجينية على سبيل المثال، وأصعب عقبة تواجهنا في الوقت الحالي هي أنظمة النقل التي لم يتم اختبارها حتى الآن بصورة كاملة، التي يطلق عليها الناقلات الجينية. سأقدم لكم نانوسنيف، الذي هو إجراء فيزيائي يسمح لنا بتوصيل سلاسل جينية مفردة إلى المخ عبر المسارات الشمية، وبالتعاون مع شركة بوسطن للعلاجات المبتكرة قمنا باختبار هذه الطريقة، ولأننا استخدمنا جزيئات النانو ولم نستخدم الفيروسات لتقوم بدور الناقلات، فيمكن القول بأن النتيجة التي اختتم بها المتحدث قبلي محاضرته غير صائبة بالمرة.» توقفت فاندا قليلا، ونظرت لتجد وجوها منتبهة، لم تسمع من القاعة لا همسا ولا نحنحة، لقد كان الجميع ينصت إليها. «بل خطأ كبير، وسأعود لذلك في الجزء الثاني من محاضرتي.» كانت تحتاج إلى ما لا يقل عن عشر دقائق لتستعرض بيانات زابينة، وهي مدة طويلة جدا، رغم أنها تهيئ لها الإعلان عن نجاح عملية النقل، أما موت الفئران فكان الدرة التي تريد أن تبرزها في الجزء الثاني من المحاضرة. وفكرت: سأضطر إلى تجاوز الوقت المسموح لي بالكلام، ثم نظرت بسرعة نحو رئيس الجلسة، لو أنه قاطعني الآن لضاع كل المجهود سدى. لقد كان جالسا هناك فاغرا فاه مستمعا إليها بانتباه، شأنه شأن كل الحاضرين ... لقد وصلت الآن لفقرة السير على السلك، وها هي تحمل عصا الاتزان بين يديها. كانت هي المتحدثة الأخيرة في هذه الجلسة، إنها فرصتها، لقد أفسح رئيس الجلسة لها المجال لتواصل.
بدأت بعرض فرضياتها، وصورت إمكانية نقل الجينات المحمولة صناعيا إلى الفيروسات، لم تتوقف كثيرا «مراعاة للوقت المتاح» عند بنية التجربة، التي هي في الأخير بنية متخيلة، ووصلت بسرعة إلى الظاهرة الغريبة التي لاحظوها، ألا وهي الاضطرابات السلوكية وارتفاع معدل الوفيات في فئران التجارب، ثم أتبعت ذلك ببيانات تحاليل الجزيئات الحيوية من الفحص الأول الذي قام به كانتيرات. لقد قدم ذلك دليلا دامغا على أن الجين الأجنبي أصبح جزءا من الشريط الوراثي للفيروس. أما نتيجة الفحص الثاني والتي من الممكن أن توضح لهم السلسلة الجينية، فقالت إنها محفوظة لدى رئيسها؛ وهي الحقيقة التي شعرت فاندا في تلك اللحظة بالامتنان نحوها، حتى لا تستسلم لغواية إفشاء معلومات سرية. «لأسباب تتعلق بسرية العمل لن أستطيع أن أحدد الجين بدقة أكبر.» بهذه الكلمات توجهت نحو خاتمة محاضرتها التي استغرقت عشرين دقيقة. «إن فيروس الفئران الذي تم تغييره جينيا بواسطة تجربتنا يعتبر في الأحوال العادية غير مؤذ وواسع الانتشار.» وضعت علامة تعجب. «وبالمناسبة، فإنه لم يخضع للشروط التي تسري على الحيوانات في معاملنا.» سمعت تذمرا من الصالة، فقالت: «نحن نطبق مستوى عاليا من الحماية، لكنه ليس خاليا تماما من الجراثيم.» أما الشريحة الأخيرة من عرضها التقديمي فحملت كلمات الشكر وأسماء المشاركين في العمل. «أخ ... بالمناسبة ...» قالتها وكأنها تذكرت بمحض الصدفة «بالطبع نحن نتحدث هنا عن فيروس غير مؤذ بتاتا للإنسان، لكن هذا الأمر قد لا يعني شيئا مطلقا، لأنه كما نعلم جميعا منذ دراسة روث وفريقه، فإنه من الممكن من خلال تغيير في إنزيم واحد أن يتحول فيروس خاص بالفئران إلى فيروس خاص بالطيور فحسب.» خفضت بصرها قليلا وقالت: «شكرا لكم على حسن الاستماع.» نهاية طويلة، لكنها أتت مفعولها.
سادت الجلبة بين المستمعين، وبدءوا في النقاش بعضهم مع بعض، وشعرت فاندا بالتوتر يتلاشى منها. حتى الآن سارت الأمور على ما يرام، لقد كان مهما جدا بالنسبة لها أن تخبر الرأي العام بالعواقب غير المتوقعة لنانوسنيف. الآن أتمت مهمتها، كما أنها احترمت ممارسات المجتمع العلمي، واستطاعت جذب أسماع الحاضرين. رغم ذلك بدا لها كل شيء مبتذلا. كانت في طريقها إلى مكانها، وفجأة بدأ الحضور بالتصفيق، فجفلت. سمعت صوت رئيس الجلسة معلنا عبر الميكروفون أن الضرورة تحتم الاستغناء عن المناقشة؛ إذ إنهم في حاجة إلى القاعة، لكن ربما يمكنهم مواصلة مناقشاتهم في البهو. جمع الناس ملاحظاتهم ونهضوا ببطء، بينما أسرعت فاندا لتسبقهم إلى المخرج، ونجحت في ذلك، لكن بالخارج أمام باب القاعة رأت شتورم، الذي اتجه صوبها مباشرة.
وحين تعرف عليها ترددت خطواته، وكأنه يحتفظ لنفسه بخيار أن يستدير ويعاود أدراجه في اللحظة الأخيرة. رعشة ما رأتها فاندا تعبر عينيه، وعند القوس الذي استدار فيه حولها أدركت فاندا أنه يخشى على نفسه. ماذا قال يوهانيس؟ لا بد أن أحدهم حذره، أمن المعقول أن يكون قد علم بكل ذلك؟ لكن شتورم ليس له أن يعرف كيف سيتلقى المختصون المحاضرة. كانت تريد أن تستمتع بهذه اللحظات حتى الثمالة. لكن الحاضرين، في خروجهم من القاعة، ظلوا يدفعونها تجاه الطريق الذي اتخذه شتورم حتى وقفت أمامه ببضعة أمتار. تحلق الناس حول كل واحد منهما، فكانا بمثابة النواة كل في قلب تفاحته، ومن بعيد علت كلمات المديح والتمنيات الطيبة، لكنها ظلت مجرد عبارات مقتضبة لم تمس فاندا حقيقة. لقد شعرت فاندا وكأنها في غرفة ذات حوائط مبطنة تمتص الضوضاء من حولها وتقلل من قدرتها على الإحساس بالأشياء، لكنها كانت لا تزال تضع شتورم نصب عينيها. لقد استقبل سعادة اللحظة في التو، فضغط بيده اليسرى على قفصه الصدري وأخذ يرسم بأصابعه في الهواء، يردد هراء ويتباهى به. تعجبت فاندا من السرعة التي تحول بها مع تغيير اتجاه الريح، فهذا الذي كان ينتفض مذعورا منذ قليل، أصبح الآن متعاليا متكبرا. لجزء من الثانية، لم تكن ترى فيه إلا كائنا مسطحا، شكلا مصنوعا من ورق الكرتون مثل تلك الأشكال التي يفضلون استخدامها في الدعاية، بلا جسد نوعا ما، فقط سطح. كان من الواضح لفاندا أن شتورم على شفا أن ينسب النتائج لنفسه. لو كانت الظروف مختلفة لاستشاطت غضبا من ذلك. أما الآن فلا تكن له سوى الاحتقار. بالتأكيد. لقد سهلت فاندا المسألة عليه، ورأت الآن كيف ينسل من دائرة معجبيه ليأتي نحوها. كان ممثلا قديرا حين يتعلق الأمر بالأرباح الطائلة، والآن وبلا حياء يتقن ببراعة دور الرئيس المهتم بمرءوسيه. «تعالي.» رفع شتورم ذراعه ووضعها على ظهر فاندا، فتصلبت ثم قادها نحو واحد من قوائم العرض الخاصة بأحد المصنعين. لم يعترض طريقهما أحد حين دخلا ليشغلا إحدى الغرف المقامة خلف حائط جاهز مخصص ليتمكن العملاء من إجراء نقاشاتهم دون إزعاج. «هلا تحضرين لنا فنجانين من قهوة الإسبريسو؟» أومأت السيدة الشابة التي تشرف على المكان وضحكت عيناها السوداوان. شعرت فاندا بنظرات ماكس شتورم تخترقها. «أريدك أن تنشري هذا في أسرع وقت ممكن.»
أجابته فاندا بلا أي انفعال: «هذا لا يصح.» عاد بظهره إلى الوراء ووضع ساقا فوق الأخرى، فشعرت فاندا بالغثيان. «حضرتك تعرف تمام المعرفة كيف نشأت هذه النتائج.» كان صوتها يتهدج بشكل مسموع رغم أنها كانت تكاد تهمس. «هذه التجارب لم تجر قط، حضرتك ...»
ناپیژندل شوی مخ