أو نحو ذلك، فإنَّه قد أشرك مع الله غيره١، واعتقد ما لا يَحلُّ اعتقادُه، كما اعتقده المشركون في الأوثان، فضلًا عمَّن ينذر بماله وولده لميِّت أو حي، أو يطلبُ من ذلك الميت ما لا يُطلب إلاَّ من الله تعالى من الحاجات، من عافية مريضِه أو قدوم غائبه أو نيله لأيِّ مطلب من المطالب، فإنَّ هذا هو الشرك بعينه الذي كان ويكون عليه عُبَّادُ الأصنام.
والنَّذرُ بالمال للميت ونحوه، والنَّحر على القبر والتوسل به وطلب الحاجات منه، هو بعينه الذي كانت تفعله الجاهلية، وإنَّما كانوا يفعلونه لِمَا يسمُّونه وثنًا وصنمًا، وفعله القبوريون لِمَا يسمُّونه وليًّا وقبرًا ومَشهدًا، والأسماء لا أثر لها ولا تغيِّر المعاني ضرورة لغوية وعقلية وشرعية، فإنَّ مَن شرب الخمرَ وسمَّاها ماء، ما شربَ إلاَّ خَمرًا، وعقابُه عقابُ شارب الخمر، ولعلَّه يزيد عقابه للتدليس والكذب في التسمية.
وقد ثبت في الأحاديث أنَّه يأتي قومٌ يشربون الخمرَ يسمُّونها بغير اسمها٢، وصدق ﷺ، فإنَّه قد أتى طوائفُ من الفَسَقَة يشربون الخمر ويسمونها نبيذًا.
_________
١ التوسل الذي هو شرك أن يجعل المتوسل به واسطةً بينه وبين الله، يدعوه ويطلب منه الشفاعة، أمَّا إذا سأل الله بجاه فلان مثلًا، فإنَّه بدعة وليس بشرك، وإذا توسَّل إلى الله ﷿ بدعاء الداعي فإنَّه سائغ؛ لثبوت ذلك عن عمر في صحيح البخاري (١٠١٠) قال: "اللَّهمَّ إنَّا كنَّا نتوسَّل إليك بنبيِّنا فتسقينا، وإنَّا نتوسَّل إليك بعمِّ نبيِّنا فاسقنا"، وقد توسَّلوا بدعاء النبيِّ ﷺ في حياته، ولم يطلبوا منه دعاء بعد موته، بل طلبوا من العباس أن يدعو، وتوسَّلوا بدعائه، ويدلُّ له أيضًا توسُّل الأعمى بدعاء رسول الله ﷺ له أن يردَّ إليه بصره، وهو حديث صحيح، أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة والطبراني والحاكم، انظر: التعليق على المسند (١٧٢٤٠)، وكتاب التوسل للألباني (ص:٦٧) .
٢ انظر: السلسلة الصحيحة للألباني (٨٩)، (٩٠)، (٤١٥) .
1 / 61