وذكر الذهبيُّ في سير أعلام النبلاء (٨/٢٧) في ترجمة عبد الله بن لهيعة أنَّ الدَّفنَ في البيوت من خصائص النَّبِيِّ ﷺ.
أقول: وأمَّا دفنُ أبي بكر وعمر ﵄ في حجرة عائشة ﵂، فإنَّما جاء تَبَعًا لرسول الله ﷺ، ومن فضل الله ﷿ على هذين الرجلين العظيمين أن جعلهما رفيقي رسول الله ﷺ الملازمَين له في الدنيا، وجارَيْه في القبر، وبعد البعث والنشور يكونان معه في الجنة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
وأورد ابنُ كثير في البداية والنهاية ترجمة السيدة نفيسة بنت الحسن ابن زيد القرشية الهاشمية في حوادث سنة (٢٠٨هـ)، ونقل عن ابن خلِّكان أنَّه قال: "ولأهل مصر فيها اعتقاد"، ثم قال ابنُ كثير: "وإلى الآن قد بالغَ العامَّةُ في اعتقادهم فيها وفي غيرها كثيرًا جدًّا، ولا سيما عوامُّ مصر، فإنَّهم يُطلقون فيها عبارات بَشِعة، فيها مجازَفةٌ تؤدِّي إلى الكفر والشِّرك، وألفاظًا كثيرة ينبغي أن يعرفوا أنَّها لا تجوز ... "، إلى أن قال: " ... والذي ينبغي أن يُعتقد فيها: ما يليق بِمِثلِها من النساء الصالحات، وأصلُ عبادة الأصنام من المغالاة في القبور وأصحابها، وقد أمر النَّبيُّ ﷺ بتسوية القبور وطمسِها، والمغالاةُ في البَشَر حرامٌ ... ".
وكانت وفاةُ ابنِ كثير ﵀ سنة (٧٧٤هـ) .
ولا يجوز أن يُصَلَّى في المساجد التي بُنيت على قبور، والواجب هدم المسجد الذي بُني على القبر إذا كان القبر هو السابق، وإن كان الميت دُفن في المسجد فيجب نبشُه وإخراجه من المسجد، وأمَّا مسجد نبيِّنا محمد ﷺ ففضله ثابت والصلاة فيه مضاعفةٌ، وهي خير من ألف صلاة في غيره من المساجد إلاَّ المسجد الحرام، كما ثبتت بذلك السنة عن
1 / 38