ومن باب أولى ما يفعله بعضُ الناس من التشاغل عن تقرير توحيد الألوهية ودعوة المسلمين إلى إخلاص العبادة لله وحده وتحذيرهم من الشرك الذي ابتُلي به المفتونون بالقبور، وذلك باشتغالهم بتقرير إثبات وجود الله بغية إقناع الشيوعيِّين؛ فإنَّ هذا وإن كان مطلوبًا في الجملة، إلاَّ أنَّه لا يجوز أن يكون على حساب إهمال المحافظة على سلامة عقائد المسلمين، فإنَّ المحافظة على رأس المال مقدَّمةٌ على البحث عن الرِّبح، ومَثل من يكون كذلك كالذي يُحاول أن يعمرَ قصرًا وهو يهدم مصرًا، وكالذي يُحاول أن يصيد الطير في الهواء وهو لم يحافظ على ما في حوزته من الطيور، وأوَّلُ شيء عمله أبو بكر الصديق رضي الله عنة في خلافته أنَّه صرف همَّته إلى إصلاح الخلل الداخلي الذي حصل بعد وفاة النَّبيِّ ﷺ من حصول الرِّدَّة من بعض المسلمين ومنعهم الزكاة، ثم بعد ذلك اتَّجه إلى إرسال الجيوش لغزو الفرس وغيرهم.
1 / 33