بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله، نحمده ونس تعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما.
أما بعد، فإنه قد قدم علينا في أثناء عشر ستين بعد المائتين والألف ١ رجل اسمه داود بن سليمان البغدادي ومعه شيء من كتب المذهب، وجلس عندنا مدة وطلب مني إجازة في الفتيا في المذهب، وكتبت له، ثم بعد ذلك بنحو أربعين سنين قدم حاجا، وذكر لي أن معه ورقة فيها عبارات من كلام الشيخ تقي الدين يشبه بها على الناس، يضع كلام الشيخ على غير موضعه فأحضرته وباحثته فإذا حقيقفة أمر دعواه: استحالة وقوع الشرك في الأمة المحمدية، ويزعم أن دعاء الأموات والغائبين والذبح والنذر لغير الله ليس بشرك، ويقول: إن الطلب من الأموات والغائبين لا يسمى دعاء بل نداء، ويقول: الشرك هو السجود لغير الله فقط، وسألته عن معنى لا اله الله وما معنى الإله فارتبك وتحير، فقلت أخبرني عن حقيقة الشرك الذي حرمه الله وأخبر أنه لا يغفره؟ فقال: هو السجود لغير الله.
فقلت: نهى الله عن السجود لغيره، لكن ما دليلك على أنه شرك؟ فلم يكن عنده جواب، فلما أوردت بعض الأدلة على بطلان دعواه ودحضت حجته أظهر الموافقة قصدا لقطع الكلام لا للموافقة باطنا فيما أظن، وكتبت على ورقته التي معه نحو ثلاثين ورقة سماها بعض الطلبة "الانتصار".
_________
١ في "أ"في اثنين عشر ستين سنة " والمثبت من هامش "ب" مع حذف كلمة "السنة" بعد جملة المثبتة.
1 / 19