الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا﴾ [الروم:٤٨] . فيلزمه أن يجوز للناس أن يطلبوا من الريح أن تثير ١ لهم سحابا ماطرا، وقال تعالى في حق نبيه: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [إبراهيم:١] . والمراد بالظلمات ظلمات الجهل والكفر والشك إلى نور العلم والإيمان، فيجوز على أصل هذا أن يقال: يا رسول الله أخرجنا من الظلمات إلى النور، وهذا حقيقة هداية الصراط المستقيم فيقال: يا رسول الله اهدنا الصراط المستقيم، وهذا لازم لهذا المبطل على أصله الباطل لا محيد له عنه ولا أستبعد التزامه ذلك لجهله وعناده، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ [القصص:٥٦] .
قوله: وقد ورد نسبة الإنقاذ إلى المعاني من الأعمال.. إلى آخر كلامه.
هذا مما احتج به لقوله: ومنقذي من عذاب الله والألم، فانظر هذا القياس الفاسد وجعله هذا من باب أولى، وقياسه هذا أقبح من قياس الذين قالوا إنما البيع مثل الربا، لو أنه ساوى بين الأمرين فكيف وهو يقول هذا من باب أولى.
فكذب على الله وعلى رسوله في زعمه إن ذوات المخلوقين تنقذ من عذاب الله كما تنقذ الأعمال الصالحة بل هي أولى في زعمه.
ومراده طلب الإنقاذ من المخلوقين لأنه أراد بذلك الاحتجاج لطلبه الإنقاذ من النبي ﷺ بقوله ومنقذي من عذاب الله والألم، ويقوله إن الله أمر بطلب الحاجات من الأموات والغائبين، وهذا من الكذب على الله، وشرع دين لم يأذن به الله حيث زعم أن الله يحب من عباده أن يطلبوا من غيره أن ينقذهم من عذابه، وأنه يحب من المؤمنين طلب الحاجات من الأموات والغائبين ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:٢١] . وقال تعالى: ﴿قل قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا
_________
﴿١﴾ في "ط" " تسير".
1 / 61