قام رسول الله ﷺ فقال: "يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب، يا بني عبد المطلب، لا أملك لكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئت م"١، وفي الصحيحين عن أبي هريرة ﵁ قال: "قام فينا رسول الله ﷺ يوما فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال: لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول: يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك" ٢ الحديث.
فأخبر الصادق المصدوق أنه لا يملك لابنته سيدة نساء الأمة وعمه وعمته والمهاجرين والأنصار من الله شيئا ولا يغني عنهم من الله شيئا، فهذه الأحاديث ونحوها شاهدة للعموم في قوله ﷾: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ مع أن الآية صريحة في ذلك، فهذه الأحاديث تزيد الواضح وضوحا ولله الحمد، مع أن قول مقاتل ليس فيه حجة لهذا المبطل لأننا نقطع أن مقاتلا لم يرد أن أحدا يفعل في ذلك شيئا من دون الله سبحانه، أو أن أحدا يشفع عنده بغير إذنه، وإنما أراد نفي الشفاعة في الكافر.
وليتأمل المنصف ما ذكرنا من الآيات والأحاديث المصرحة بتفرد الله سبحانه بالملك والأمر في ذلك اليوم، وأنه لا حاكم ولا متصرف هناك سواه سبحانه، ويعرض قول هذا الملحد المشرك بين الله وبين رسوله، بل وغير الرسول في التصرف والأمر في ذلك اليوم العظيم
بقوله: إن النبي ﷺ يقدر
_________
١ أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: ﴿وأنذر عشيرتك الأقربين﴾ حديث رقم ٥٠٢.
٢ أخرجه البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب الغلول حديث رقم ٣٠٧٣، ومسلم، كتاب الإمارة، باب غلظ تحريم الغلول حديث رقم ٤٧١١.
1 / 57