﴿وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾ ١ فهو سبحانه الآمر والآذن فله الأمر كله وله الملك كله. ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَانُ وَقَالَ صَوَابًا﴾ [النبأ:٣٨] . والعموم في قوله ﷾: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ [الإنفطار:١٩] .كالعموم في نظائرها من الآيات التي قدمنا ذكرها كقوله: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا﴾ ﴿٢﴾ وقوله: ﴿لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا﴾ [لقمان:٣٣] .وما رأينا أحدا من المفسرين قال في هذه الآيات بالخصوص بل قرروا عمومها على مقتضاه، ولم يقل أحد منهم في شيء منها إنه مختص بالكفار سوى ماذكره البغوي عن مقاتل في قوله: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ وليس هو بالصواب وهو مخالف لما عليه المفسرون وأهل العربية والأصوليون ﴿٣﴾ والفقهاء في قولهم بعموم النكرة في سياق النفي، فمن له نظر في كتب الجميع وجد ذلك صريحا.
قال في شرح مختصر التحرير: ومن صيغ العموم نكرة في نفي، صرح به أهل العربية. وكذا قال العراقي في شرح جمع الجوامع إن النكرة في سياق النفي تعم ولم يذكر خلافا، وهذا يفهمه كل أحد من مثل قوله تعالى ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ . ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾ ﴿لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ . ﴿فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا﴾ . فمن سمع هذه الآيات ونحوها لم يشك في عمومها، كيف وفي قوله ﷾: ﴿يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا﴾ زيادة تأكيد للنفي لأنه نكر النفسين
_________
١ في "ب" والألف واللام في الأمر كقوله "وإليه يرجع الأمر كله"، "وإلى الله ترجع الأمور" تفيد العموم عند الجميع.
﴿٢﴾ سقطت الآية من "ب".
﴿٣﴾ في "ب وط" "والأصوليين ".
1 / 55