﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا﴾. ﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلَّنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ﴾، فإنَّه اسْتَعْملَ كلُّ واحدَةٍ من ألفاظِه المفردَةِ في موضوعِه، لكنْ أُسْنِدَ الزيادَةُ والإضلالُ إلى الآياتِ والأصنامِ، فجَعَلَ المجازُ في الترْكيبِ، ويُسَمَّى: العَقْلِيُّ؛ لأنَّ التجوُّزَ فيه نسبةُ الفِعْلِ إلى غيرِ مَن صُدِرَ منه، وهو أَمْرٌ عَقْلِيٌّ لا وَضْعِيٌّ، وأَنْكَرَه السَّكَاكِيُّ، ورَدَّه إلى اللُّغَوِيِّ فيكونُ المَجازُ كلَّه لُغَوِيًّا، وتَبِعَهُ ابنُ الحَاجِبِ في أَمَالِيهِ ومُخْتَصَرِه الكبيرِ تَصْريحًا، واسْتَبْعَدَه في (الصغيرِ) لكنِ اخْتَلَفَا فيما هو، ويَتَلَخَّصُ في (أَنْبَتَ الرَّبِيع البقْلُ) أرْبَعَةُ أقْوالٍ:
أحدُها: أنَّ المجازَ في (أَنْبَتَ) وهو المُسَبَّبُ العادِي، وإنْ كانَ وَضَعَه للسَّبَبِ الحقيقيِّ وهو رَايُ ابنُ الحَاجِبِ، فالمجازُ عندَه في الأفرادِ.
الثاني: أنَّه في الرَّبِيع فإنَّه تَصَورٌ بصُورَةِ فاعلٍ حقيقيٍّ فأَسْنَدَ إليه ما يُسْنَدُ إلى الفاعلِ الحقيقيِّ وهو رَايُ السَّكَاكِيِّ إنَّه من الاستعارةِ بالكِنايةِ.
الثالثُ: إنَّه في الإسنادِ وهو أنَّ كلَّ هيئةٍ تَرْكَيبَيْةٍ وُضِعَتْ بإزاءِ تأليفٍ مَعْنَوِيٍّ، وهذِه وُضِعَتْ لمُلابَسَةِ الفاعلِيَّةِ، فإذا اسْتُعْمِلَتْ لمُلابَسَةِ الظرفيَّةِ أو نحوِها، كانَتْ مَجَازًا وذلك نحوَ: صَامَ نَهارَه وقَامَ لَيْلَهُ، وهو رَأَيُ عبدُ القاهرِ.