جِهَةِ خُصُوصِه هو الاخْتصاصُ، وأنَّه هو الأهَمُّ عندَ المُتَكَلِّمِ، وهو الذي قَصَدَ إفادَتَه السَامِعَ من غيرِ تَعَرُّضٍ ولا قَصْدٍ لغَيْرَهِ بإثباتٍ ولا نَفْيٍ، وأمَّا الحَصْرُ فمَعْنَاه: إثباتُ المَذْكورِ= ونَفْيُ غيرِه، وهو زائدٌ على الاخْتصاصِ، وإنَّما جَاءَ هذا في ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ للعِلْمِ بأنَّه لا يَعْبُدُ غيرَ اللهِ، لا من موضوعِ اللفْظِ، ألاَّ تَرَى أنَّ بَقِيَّةَ الآياتِ لم يَطَّرِدُ فيها ذلك، فإنَّ قولَه تعالى: ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ﴾ لو جَعَلَ في معنَى: ما يَبْغُونَ إلاَّ غيرَ دِينِ اللهِ، وهَمْزَةُ الإنْكارِ داخلِةٌ عليه، لَزِمَ أنْ يَكونَ المُنْكَرُ الحَصْرَ، لا مُجَرَّدٌ بَغَْيهِم غيرِ دينِ اللهِ، ولا شَكَّ أنَّ مُجَرَّدَ بَغْيهِم غيرِ دِينِ اللهِ مُنْكَرٌ، وكذلك بَقِيَةُ الآياتِ إذا تَأَمَّلْتَها. انْتَهى مُلخصًّا.
وحاصلُه: أنَّ الاخْتصاصَ في إعْطاءِ الحُكْمِ للشيءِ والسُّكوتِ عمَّا عَدَاهُ، الحَصْرُ: إعطاءُ الحُكْمِ للشيءِ والتعَرُّضُ لنَفْيهِ عمَّا عَدَاهُ، ففِي الاخْتِصاصِ قضِيَّةٌ واحِدَةٌ، وفي الحَصْرِ قَضِيَّتَانِ، وقد يَحْتَجُّ للتغَايُرِ بقولِه تعالى: ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾. فإنَّه لا يَجُوزُ أنْ يُقالَ بحَصْرِ رحْمَتِه؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ حَصْرُها.
ص: مسألَةٌ: (إنَّما) قالَ الآمِدِيُّ وأَبُو حَيَّانَ: لا تُفِيدُ الحَصْرَ، وأَبْو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ والغَزَالِيُّ والكِيَا والشيخُ الإمَامُ: تُفِيدُ فَهْمًا، وقيلَ: نُطْقًا).
ش: اخْتَلَفَ الأصُولِيُّونَ في (إنَّما) هل تُفِيدُ الحَصْرَ؟ فقيلَ: تُفِيدُ، وقيلَ: