277

تشنيف المسامع بجمع الجوامع

تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي

پوهندوی

د سيد عبد العزيز - د عبد الله ربيع، المدرسان بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر

خپرندوی

مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م

د خپرونکي ځای

توزيع المكتبة المكية

ژانرونه

عَمْرًا زَيدٌ.
قلتُ: إنْ كانَ هذا مَحَلَّ النِّزاعِ فلا حُجَّةَ فيه؛ لأنَّه إنَّما ذَكَرَهُ من الجِهَةِ التي شَابَهُ بها تَقْدِيمَ الفَاعِلِ على المفعولِ، أو العكسِ في المثالَيْنِ، وليسَ فيه من هذه الجَهَةِ إلاَّ الاهتمامُ، ولا يَبْقَى ذلك الذي اخْتَصَّ به إذا تَقَدَّمَ على العامِلِ وهي الحَصْرُ، ويُمْكِنُ تَنْزِيلُ كَلامِ سِيبَوَيْهِ أنَّ الاهتمامَ والعنايةَ في التقديمِ والتأخيرِ سواءٌ بالنِّسْبَةِ إلى الإسْنادِ، والواقعُ في الكلامِ ورَبْطُ الفِعْلِ بالفاعلِ والمفعولِ، لا بالنِّسْبَةِ إلى ما يَلْمَحُ من معنٍى آخَرَ زائِدٍ على ذلك، وفي كلامِه ما يُشِيرُ إلى ذلك، حيثُ قالَ: كأنَّهم يُقَدِّمُونَ الذي شَانَه أَهَمُّ لهم وهُم بِبَيَانِه أَعْنَى، وإنْ كَانَا جَمِيعًا يَهُمَّانِهم، فانْظُرْ كيفَ أَثْبَتَ زِيادَةَ معنًى في التقْدِيمِ، وأَتَى بأَفْعَلِ التفْضِيلِ؟ فإنَّ أنْزَلْتَ كلامَه الأوَّلُ= والثاني على هذا التقديرِ، وجُعِلَتُ اسْتِواءُ التقديمِ والتأخيرِ بالنسبةِ إلى الإسنادِ الحاصلِ، وأنَّ ذلك لا تَتَغَيَّرُ دلالَتُه عندَ التقديمِ والتأخيرِ، إلاَّ أنَّ التقديمَ يُفيدُ زيادةً في الاهتمامِ، - عَرَفْتَ أنَّه ليسَ في كلامِه هذا ما يَمْنَعُ من إفادَةِ الاخْتِصاصِ عندَ تأخيرِ العاملِ، فإنَّا لا نَمْنَعُ أنَّ التقْدِيمَ والتاخِيرَ، سواءٌ بالنسبةِ إلى رَبْطِ الفِعْلِ بالفاعِلِ والمفعولِ، وإنَّما المُدَّعِي قَدْرٌ زائدٌ على ذلك، ومن العَجَبِ أنَّ أَبَا حَيَّانَ ذَكَرَ كلامَ سِيبَوَيْهِ عَقِبَ كلامِه الأوَّلِ، مُؤَيِّدًا له به مُقَرِّرًا بها امْتِناعُ الاخْتصاصُ.
وممَّا اسْتَدَلَّ به بعضُ المتأَخِّرينَ على عَدَمِ إفادةِ الحَصْرِ وقوعُ الأمْرَيْنِ في القرآنِ، نحوَ: ﴿بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا وَمَرْسَاهَا﴾. وقالَ تعالى: ﴿اقْرَا بِاسْمِ رَبِكَ﴾. ونَظَائِرُها كمَا سَبَقَ في: ﴿فَاعَبْدِ اللهَ﴾ ﴿بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ﴾. ولَحْنُ كلٍّ منها فصيحٌ في بابِه، ولا يَكادُ التقْديمُ فيه يقومُ مُقامَ التأخِيرِ ولا العكسُ، بل فيها ما يَرْشُدُ إلى الاخْتِصاصِ، فإنَّ قولَه: ﴿اقْرَا بِاسْمِ رَبِّكَ﴾. لا يَمْنَعُ أنْ يَقْرَأَ بغَيرِ الاسْمِ، وقولُه: ﴿بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا﴾. تَمَنَعُ أنَّها تَجْرِي إلاَّ بِاسْمِه.
وقالَ

1 / 372