(وَإِن نزجراني بِابْن عَفَّان أنزجر ... وَإِن تدعاني أحم عرضا ممنعًا)
قَالَ وَهَذَا يدل على أَنه خَاطب اثْنَيْنِ سعيد بن عُثْمَان وَمن يَنُوب عَنهُ أَو يحضر مَعَه. وَقَوله فَإِن أَنْتُمَا أحكمتاني دَلِيل أَيْضا على أَنه يُخَاطب أثنين " انْتهى.
قُلْنَا الْبَيْت الْأَخير يرْوى فَذا وَيكثر وُرُوده فِي كَلَامهم شَاهدا على جَوَاز مُخَاطبَة الْوَاحِد بِلَفْظ اثْنَيْنِ وَالصَّوَاب فِيهِ (يَا ابْن عَفَّان) بالنداء. وَالظَّاهِر أَن نَاسخ الأَصْل تبع فِيهِ من يرى حذف ألف ابْن فِي هَذِه الصُّورَة فتصححت الْيَاء الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة على الْمُصَحح بباء الْجَرّ وَلم ينتبه إِلَى إخلالها بِالْمَعْنَى إِذْ لَا خلاف فِي أَن عَفَّان مرادٌ بِالْخِطَابِ فِي الْبَيْت سَوَاء خواطب وَحده أَو مَعَ من يحضر مَعَه وَيكون فِي الأبيات الِالْتِفَات من الْغَيْبَة إِلَى الْخطاب.
بَقِي هُنَا أَن الْعبارَة لَا تَخْلُو من غموض واضطراب فَإِن سِيَاق أَولهَا يدل على أَن مُرَاد ابْن بري الاستشهاد بِالْبَيْتِ على جوَار مُخَاطبَة الْوَاحِد بِلَفْظ الْإِثْنَيْنِ ثمَّ عَاد فِي آخرهَا فاستدل بباقي الأبيات على أَنه خَاطب اثْنَيْنِ حَقِيقَة.
وَقد أتيح لي الظفر بالجزء الثَّانِي من حَاشِيَة ابْن بري الَّتِي كتبهَا على الصِّحَاح ووسمها بالتنبيه والإفصاح عَمَّا وَقع فِي كتاب الصِّحَاح فَوجدت نَص عِبَارَته فِيهَا " وَذكر الْجَوْهَرِي فِي أثر هَذَا الْبَيْت أَن قَوْله لَا تحبسانا أَن الْعَرَب رُبمَا خاطبت الْوَاحِد بِلَفْظ الْإِثْنَيْنِ وَأنْشد
(فَإِن تزجراني يَا ابْن عَفَّان أنزجر ... وَأَن تدعاني أحم عرضا ممنعًا)
ثمَّ شرع فِي الرَّد عَلَيْهِ مستدلًا بباقي الأبيات على أَنه خَاطب اثْنَيْنِ حَقِيقَة.
فصدر الْعبارَة الَّتِي نقلهَا صَاحب اللِّسَان لَيْسَ لِابْنِ برهى كَمَا يُوهِمهُ صَنِيعه بل
1 / 45