اما البيت العلوي فكان في جميع الادوار بيت العلم والدين ، ومهوى أفئدة المسلمين ، فمن علي أمير المؤمنين إلى ولديه الحسنين ، ومنهما إلى الإمام زين العابدين ومنه إلى الصادقين : محمد الباقر وجعفر الصادق الخ ، وكان العباسيون يعتزون بقرابتهم من علي بن أبي طالب وابنائه ، كاعتزازهم بالنبي الكريم صلى الله عليه وآله ، وكانوا يحضرون مجالس ابناء علي متأدبين متعلمين ، وكان إذا ركب محمد بن عبدالله بن الحسن يأخذ المنصور بركابه ، ويسوي ثيابه على السرج.
وحين اضطربت أمور بني أمية اجتمع بنو الحسن وبنو العباس ، وعقدوا البيعة لمحمد (النفس الزكية) بن عبدالله بن الحسن ، وكان فيمن بايعه إبراهيم والسفاح والمنصور ، وكان المنصور أشدهم حماسا لهذه البيعة ، وأرسل المجتمعون إلى الإمام جعفر الصادق ، فلما حضر رغبوا إليه في أن يبايع محمدا ، فقال : إن هذا الأمر لايتم إلا لهذا ، وضرب على ظهر السفاح ، ثم لهذا ، وأشار إلى المنصور ، وقال لعبدالله بن الحسن : ان ولديك إبراهيم ومحمدا سيقتلهما المنصور! ثم نهض وخرج من المجلس (1).
ولما دارت الدوائر على الأمويين ، واستخلف المنصور ، اختفى محمد بن عبدالله بن الحسن خوفا على نفسه ، فطلبه المنصور من أبيه ، وحاول قتله بكل وسيلة ، ليتخلص من البيعة التي في عنقه ، واجتهد في البحث عنه وعن أخيه إبراهيم ، ونصب العيون ، وبذل الأموال ، فعرف مكانهما ، ولم يعد أمامهما إلا الاستسلام أو الخروج ، فخرج محمد في المدينة ، وإبراهيم في البصرة ، وحاربا
مخ ۱۱۹