تصوف او امام شعراني
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
ژانرونه
والمراقبة تقتضي حال القرب، والله - عز وجل - قرب القلوب إليه بما هو قريب منها، فهو يقرب من قلوب عباده على حسب ما يرى من قرب قلوب عباده منه، فانظر بماذا يقرب من قلبك.
وحال القرب يقتضي حال المحبة، وهي تتولد من نظر القلب إلى الله - عز وجل - وجلاله وعظمته، وعلمه وقدرته؛ فطوبى لمن شرب كأسا من محبته، وذاق نعيما من مناجاته، فامتلأ قلبه حبا، فطار بالله طربا، وهام به اشتياقا، ليس له سكن ولا مألوف سواه، فهو محب خرج من رؤية المحبة إلى المحبوب بفناء علم المحبة، من حيث كان له المحبوب في الغيب ولم يكن هو بالمحبة، فإذا خرج المحب إلى هذه النسبة كان محبا بلا علة.
والمحبة تقتضي الذكر، فلا يزال المحب يذكر ربه ويدخل الخلل في ذكره لنفسه حتى يصير الغالب عليه ذكر ربه، وصار كالغافل عن نفسه، ثم يغفل عن ذهوله عن نفسه، وينسى باستيلاء ذكر ربه عليه جميع الأحاسيس، فيقال: فني عن نفسه، ويقال: فني بربه. وهو هنا يكون مختطفا عن نفسه، ممحوا عن جملته، فانيا عن كله.»
سئل أبو يزيد عن عمره فقال: أربع سنوات، ويجيب البسطامي شارحا تلك الكلمة بقوله: «حجبت عن الله سبعين سنة، ولم أره إلا في السنوات الأربع الأخيرة، وعليه فالسبعون الأولى ليست من عمري.»
وهذا الشعور الكامل بالتجلي الإلهي والإحساس الصادق بالحب الرباني يزداد حتى يبلغ الحد الأعلى، فيذهب عن المحب وعيه، بل تكاد تذهب عنه بشريته، ليغدو جوهرا أو كالجوهر، وهي الحالة التي يعبرون عنها بالذوق والشرب والغيبة، ويجمع ذلك كله كلمة: الوجد.
ويعد المتصوفة الفناء في حالة الوجد نهاية سفرهم إلى ربهم، فيصبح الصوفي هنا في قمة فوق العالم؛ لأنه استغنى عنه.
وهذه هي حال البقاء، والإنسان فيها إنسان كامل. وهذا موقف لا مجال للقول فيه، أو كما يقول الغزالي: «يصل الإنسان إلى حالة يضيق نطاق النطق عن وصفها.»
مقام الفناء وابن تيمية
ومن عجيب أن مقام الفناء الذي اتهم فيه المتصوفة بوحدة الوجود تارة، والاتحاد والحلول تارة أخرى، مقام من صميم التوحيد الإسلامي، بل هو المقام الذي ترتكز عليه العبادات الربانية كافة، حتى إن ابن تيمية - وهو خصم التصوف الأكبر - ليخصص لشرحه في كتبه مكانا لم يخصصه لغيره من مواقف الفكر الإيماني.
يقول الإمام ابن تيمية في كتابه «العبودية»
ناپیژندل شوی مخ