تصوف او امام شعراني
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
ژانرونه
ولقد أوقف عليها القاضي محيي الدين أوقافا وأرزاقا كفلت الحياة لموظفيها من المؤذنين والفقراء والأئمة والخطباء.
ولكن الحياة قد اتسعت داخل الزاوية، فقد كفل اسم الشعراني لزاويته مكانة عالية، فأقبل عليها الراغبون من كل حدب ينسلون.
أقبل عليها الأمراء والسادة يوقفون عليها أملاكهم وأموالهم، ويقدمون إلى طلابها المنح والهدايا على اختلاف أنواعها.
وأقبل عليها آلاف المريدين والطالبين للعلم من الفقراء الذين أعسروا فلم يستطيعوا طلبا للعلم، بل لم يستطيعوا الحياة الكريمة، فكفل لهم الشعراني داخل زاويته العلم، العلم بشقيه من تثقيف وتعبد، كما كفل لهم الحياة الكريمة بأوسع معاني تلك الكلمة.
حتى لقد أفسح للمتزوجين منهم مكانا في زاويته، يقيمون فيه مع أولادهم وزوجاتهم طاعمين كاسين ممتعين، لا يحملون من هموم الرزق كثيرا ولا قليلا ما داموا قد انقطعوا للعلم، وما دامت أخلاقهم وعباداتهم مما يرضى عنه الله. ولقد بلغ عدد طلاب الزاوية في أول أمرها مائتين، بينهم تسعة وعشرون كفيفا.
ويحدثنا التاريخ حديثا عجبا عن ميزانية تلك الزاوية، وعن الخيرات والنعم التي تجري في ساحاتها، فلقد كان يعد لطلابها من الخبز كل صباح إردب وثلث الإردب من أنقى أنواع القمح.
أما ميزانيتها عن عام: فعشرة قناطير من عسل النحل، وعشرين قنطارا من عسل القصب ، وأربعين إردبا من الفول، ومن الكشك سبعة، ومن الأرز مثلها، ومن البسلة والعدس خمسة وعشرين إردبا ... وهكذا.
فإذا أقبل العيد؛ عيد الفطر، كانت ميزانيتها من الكعك خمسة أرادب غير الهدايا، ومن الجوز والبندق والخروب والتمر والزبيب والتين ما قدر بخمسة قناطير، ومن الفواكه شيء لا يقع تحت حصر. ويكفي أن نذكر أن ميزانية الزاوية من البطيخ في العام كانت أكثر من ألفين.
ولم يقتصر الأمر على هذا النعيم فقط، بل شملت رعاية الشعراني مريديه وتلامذته في أوسع الآفاق، فهم أبناؤه وأحبابه في الله، ومن حقهم عليه أن يدبر أمورهم كافة، ومن تدبير أمرهم أن ينظر في أمر استكمال دينهم، ومن كمال الدين الزواج؛ ولهذا زوج الشعراني في زاويته أربعين رجلا من مريديه، قام عنهم بالمهر ونفقات الزواج، وحرص على تزويد زوجاتهم بكل شيء يخطر على العقل من شئون النساء ولوازمهن، حتى اللبان الشامي والحجازي والشمع والخضاب، وغرائب أنواع الزينة، وألوان العطور، وأدوات التطرية والتجميل.
ومن كمال الدين الحج إلى بيت الله؛ ولهذا أرسل الشعراني أفواجا من تلامذته إلى الأرض المقدسة، باذلا في سبيل راحتهم والعناية بأمرهم مثل ما بذل في أمر زواجهم من الاهتمام العجيب بكل دقيقة وصغيرة، مما يدل على شفافية ذلك الروح الكبير الذي شمل حبه وحنانه كل من أحاط به أو لاذ برحابه.
ناپیژندل شوی مخ