تصوف او امام شعراني
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
ژانرونه
وهذا الأفق جبار المرتقى لا يذلل لكل طالب، فلا يطيقه ولا يصبر عليه إلا صفوة من عباد الرحمن الذين اجتباهم واصطفاهم، وجعلهم أئمة وهداة وورثة لأنوار النبوة المحمدية
وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم .
وليس ما نقول ضربا من الأشواق الوجدانية والسبحات الخيالية؛ «فقد روى أنس - رضي الله عنه - قال: بينما رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يمشي إذ استقبله رجل شاب من الأنصار، فقال له النبي - صلوات الله عليه: كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمنا بالله حقا، قال: انظر ما تقول؛ فإن لكل قول حقيقة، قال: يا رسول الله، عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري، فكأني بعرش ربي بارزا، وكأني أنظر إلى أهل الجنة كيف يتزاورون فيها، وإلى أهل النار كيف يتعاوون فيها، قال: أبصرت فالزم. عبد نور الله الإيمان في قلبه.»
وفي رواية أخرى عن محمد بن الحسن: «لكأني أنظر إلى ربي - عز وجل - فوق عرشه يقضي بين خلقه.»
ذلك عبد نور الله الإيمان في قلبه. وما أجمل وأحلى هذا التعبير النبوي! فعاش في الأفق الأعلى، فتجلت عليه روح الإسلام، فحلق بأجنحة قلبه النورانية حتى رأى الملكوت الأسنى، فشاهد النار والجنة والعرش، ثم ارتقى فرأى الله - جل جلاله - وهو يقضي بين خلقه، رأى وشاهد تلك الآيات بعين الموقنين، عين الإيمان القلبي، وهو يخطر بقدميه على السيار الأرضي.
وقصة الخضر؛ العبد الذي ارتقى فاهتدى، فآتاه الله من لدنه علما باطنيا ربانيا معجزا لا يسامقه علم، ولا تدانيه معرفة.
ذلك هو التصوف الذي كان له أكبر الأثر في توجيهات العالم الإسلامي الفكرية والتعبدية، بل أكبر الأثر في فتوحاته وانتصاراته العالمية، وفي رسم أهدافه ومثله العليا الاجتماعية والخلقية والروحية.
ذلك هو التصوف الذي استحال إلى شخصيات وبطولات ملهمة عبقرية تتفاعل مع الجماهير وتقودها فتهديها وترشدها، واستحالت تلك البطولات إلى قوة روحية زاحفة مشرقة بالنور، فياضة بالإيمان، تطير بألوية الإسلام، وتزكي شعلته، وتحفظ مثاليته، وتفتح له الآفاق في شتى الميادين العقلية والعلمية.
ناپیژندل شوی مخ