تصوف:روحي انقلاب

ابو العلا عفیفي d. 1385 AH
187

تصوف:روحي انقلاب

التصوف: الثورة الروحية في الإسلام

ژانرونه

يعتبر ابن عربي ما يسميه «الحقيقة المحمدية» أو «الروح المحمدي» أصل الحياة الروحية في الوجود والمنبع الذي يستمد منه الأنبياء والأولياء علومهم، أو الروح الذي ظهر في صور الأنبياء والأولياء من لدن آدم إلى النبي محمد نفسه، كما ظهر في صور الأولياء منذ وجدت الولاية. فجميع الأنبياء والأولياء صور أو مجال تجلت فيها الحقيقة المحمدية، أو الروح المحمدي، أو النور المحمدي كما يسميه أحيانا، وليس خاتم الأولياء سوى مجلى من المجالي التي لا تحصى لهذه الحقيقة.

أما الفرق بين خاتم الأولياء وأي ولي آخر، هو أن خاتم الأولياء دون غيره هو المظهر الكامل للحقيقة المحمدية، والمجلى الذي تتمثل فيه هذه الحقيقة أكمل تمثيل، وفيه وحده يظهر الإرث المحمدي ظهورا تاما، وهو آخر من يرث عن الحقيقة المحمدية علم الباطن إرثا مباشرا.

ولا ينكر ابن عربي - كما زعم بعضهم - احتمال ظهور أولياء بعد خاتم الأولياء، فقد يظهر أولياء في الأمة المحمدية أو في أية أمة أخرى يرثون علمهم من أنبيائهم، ولكن الذي ينكره هو أن يظهر في الأمة المحمدية بعد خاتم الأولياء ولي يرث علمه الباطن عن الحقيقة المحمدية. فالذي له خاتم هو ولاية الإرث المحمدي لا الولاية العامة.

5

أما الذين يحتمل ظهورهم من الأولياء بعد الخاتم فليسوا ورثة محمد، بل ورثة أنبياء آخرين، أو أولياء مسلمين، وهؤلاء يرثون ما يرثون عن طريق ختم الأولياء، وعلى هذا يصبح خاتم الأولياء بدوره مصدرا روحيا جديدا للعلم الباطن يستمد منه الأولياء علومهم، على نحو ما كان الأنبياء والأولياء يستمدون علومهم من الروح المحمدي.

ويعقد ابن عربي مقارنة دقيقة بين الروح المحمدي وخاتم الأولياء، ويقول إن كلا منهما له وجود سابق على وجوده الزمني، فكما أن محمدا كان نبيا وآدم بين الماء والطين، كذلك كان خاتم الأولياء وليا وآدم بين الماء والطين، ولكن أليست روح خاتم الأولياء هي بعينها الروح المحمدي في نظر ابن عربي - كما قلنا - وأننا نسميها «محمدا» حين تظهر في صورة النبي محمد، وخاتم الأولياء حينما تظهر في صورة خاتم الأولياء، وأن الأول نبي ورسول وولي والثاني ولي وارث؟

6

والظاهر أنه يقصد روح خاتم الأولياء لا شخصه عندما يقول إنه الممد لسائر الأولياء والأنبياء والرسل بعلمهم الباطن. يقول:

وليس هذا العلم إلا لخاتم الرسل وخاتم الأولياء، وما يراه أحد من الأنبياء والرسل إلا من مشكاة الرسول الخاتم، ولا يراه أحد من الأولياء إلا من مشكاة الولي الخاتم، حتى إن الرسل لا يرونه - متى رأوه - إلا من مشكاة خاتم الأولياء.

فالمرسلون من كونهم أولياء لا يرون ما ذكرناه إلا من مشكاة خاتم الأولياء، فكيف من دونهم من الأولياء؟

ناپیژندل شوی مخ