المدارك: وفي الآية دليل على أن السحر واجب الاجتناب كتعلم الفلسفة التي تجر إلى الغواية، انتهى.
والآية نزلت في أهل التوراة اشتغلوا بكتب السحر وقل التفاتهم إلى التوراة ومعنى اشتراه: استبدلوه بكتاب الله تعالى، والخلاق بمعنى النصيب كذا في التفاسير. إن قلت: أليس قد قال السيد الشريف في شرح المواقف: إن الفلاسفة هم الأذكياء؟ قلت: نعم. لكن قال الإمام الجوزي في كشف الناموس: كان للفلاسفة فطنة فاستخرجوا بفطنتهم علومًا هندسية ومنطقية ولما تكلموا في الإلهيات خبطوا، إذ لا سبيل للعقل إليها، ولذلك اختلفوا فيها ولم يختلفوا في مثل الهندسيات، انتهى.
أقول: وكذا خبطوا في بعض مواضع الطبيعيات كما سبق عن الغزالي قوله: إذ لا سبيل للعقل إليها أي جميعها، إذ بعضها يستقل فيه العقل كوجود الصانع القديم ووحدته وسائر صفاته المعلومة بدليل العقل، لكن الفلاسفة خبطوا في صفاته تعالى. وقال البيضاوي في قوله تعالى: ﴿أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا﴾ [الطور: ٣٢] فإن الكاهن يكون ذا فطنة ودقة نظر، انتهى.
أقول: والكاهن مشهود عليه بالكذب والخبط، فظهر أن الكافر قد يكون ذا فطنة، ألا ترى أن الإفرنج يستخرجون يفطنتهم ودقة نظرهم صنائع تتحير فيها العقول، لكنهم يقولون: إن الله تعالى هو المسيح ابن مريم، أو يقولون: إن المسيح ابن الله.