په عربي نړۍ کې ژباړه: حقیقت او ننګونې: د څرګندو دلالتونو سره د شمیرنې په بنسټ
الترجمة في العالم العربي: الواقع والتحدي: في ضوء مقارنة إحصائية واضحة الدلالة
ژانرونه
والترجمة، وإن كانت عنصرا واحدا، إلا أنها عنصر كاشف لمجمل عناصر الصورة الكلية، وحياتنا الاجتماعية الواقعية؛ إذ لا يوجد عنصر هو جزيرة مستقلة يمكن أن ينشط دون العناصر الأخرى، وإنما عناصر البنية الاجتماعية جميعها تتحرك وتنشط في تكامل وامتداد. ويتجلى هذا في الإنسان/المجتمع أداة وهدفا. والقصد من الحديث هنا عن الترجمة إنما شهادة على المجتمع في شموله. وصورة حالة الترجمة هي تعبير عن حال أشمل وأعم. والنهوض بالترجمة لا يكون إلا حين ينعقد العزم على النهوض بالمجتمع في ضوء صورة للمستقبل واضحة المعالم، تؤكد عامل الانتماء، فتكون الترجمة استجابة لمطلب اجتماعي ملح، وتكون دالة ووظيفة.
لم أشأ الحديث عن نهضة الترجمة في العصر الكلاسيكي الإسلامي؛ فهذا كله معروف ومحفوظ، رددناه مرارا نلتمس فيه التعويض. ولكن قصرت الحديث عن واقعنا الراهن المجهول؛ لإسقاط الغمامة عن العيون. المنطلق فهم الواقع دون زخارف، والغاية دعوة إلى تضافر الجهد لتدارك ما فاتنا وهو كثير. فالوجود عزم ومعاناة، وأبواب التاريخ مفتوحة فقط لصناع الحياة.
مقدمة الطبعة الثانية
الترجمة بين ثقافة الوضع وثقافة الموقف
تقول حكمة صينية: «من لا يقارن لا يعرف.» وإذا كانت المقارنة ضرورية لتعرف الذات موقعها من الآخر، ووقع خطوها في تفاعلها وتنافسها مع هذا الآخر، ومن أجل بناء نفسها؛ فإنها الآن أكثر ضرورة في ظل شرط وجودي عالمي جديد، تداخلت فيه العلاقات بين الأمم والجماعات والأفراد، بحيث يقال: إن الوجود الاجتماعي على الصعيد العالمي وداخل المؤسسات وفيما بينها أضحى وجودا شبكيا، بحيث لا يمكن لمجتمع أن يبني ذاته تأسيسا على رصيده الذاتي، أو بمعزل عن الآخر، أو عالة عليه ، مستهلكا للفكر والتكنولوجيا.
لهذا اعتمدت في كتابي على المقارنة لاستبيان حقيقة وضعنا، واخترت الترجمة مؤشرا على موقفنا من المعرفة؛ لكي نقارن بين حالنا وحال غيرنا ممن يخطون على عتبة عصر جديد يسمى عصر المعلوماتية، أو الثورة المعرفية. عصر يمثل طورا جديدا في سلم التطور الارتقائي للبشرية، يكاد يماثل مرحلة اختراع الكتابة، وستكون له تجلياته الفيزيقية والعصبية والنفسية والاجتماعية. طور ربما يكون حدا فاصلا بين نوعين من البشر، بحيث يخلف وراءه من هم أدنى مستوى، وأعجز عن الملاحقة والتكيف.
والمجتمعات - أو لنقل الثقافات الاجتماعية - في رأيي صنفان، والتصنيف ليس قدرا أبديا، وإنما السيادة والغلبة لهذا أو ذاك رهن شروط وجودية للنهوض أو الانحسار؛ أقول صنفان هما: ثقافة الوضع، وثقافة الموقف.
ثقافة الوضع قانعة بحالها، راضية برصيدها التاريخي الموروث. والمعرفة عندها - أو قل العلم الأسمى - لا يتجاوز حدود تأمل هذا الرصيد، وأقوال الأولين، والأمل عود على بدء، ومن ثم عزوف عن الإبداع والتجديد. والزمان امتداد متجانس، فارغ من الأحداث، إلا الحدث الأول والأهم فهو بداية التاريخ وغايته.
وثقافة الموقف إرادة واختيار، والإرادة فعل، والاختيار عزم على التغيير والتجديد، وفهم مجريات الأحداث والظواهر، وتراكم متجدد متطور لرصيد المعلومات والمعارف، ومن ثم تطور وارتقاء مطرد للهوية الثقافية التي هي عين الفعل الاجتماعي النشط في الزمان، وليس السكون والبحث عن هوية مجهولة في غيابات التاريخ.
ثقافة الوضع تقف على قارعة طريق الحياة، تتأملها تجليات لإرادة من خارجها. وثقافة الموقف تخوض غمار لجج نهر الحياة الصاخب الدافق، تتجدد وتتغير، وتبني وتتحدى وتستجيب، تأسيسا على الفهم والوعي والعقل الحر الناقد الفعال، إنها إبداع الحياة وصناعة التاريخ.
ناپیژندل شوی مخ