ولست بذلك أنكر حاجة الحكومة إلى الضرائب، ولكن يجب أن تكون هناك سياسة عامة في فرضها وتقديرها، بحيث يؤدي هذا الفرض والتقدير إلى هدف نبصر به من الآن ونستطيع وتحقيقه بعد سنوات.
وخير لنا من أن نفرض الضرائب على الأرض الزراعية، وأن نزيد ضريبتها، بدلا من أن نزيد الضرائب على المصانع، ذلك لأن حضارة الأمة وأمنها، ورفاهيتها، وسلامتها من العدوان الخارجي كل هذا يتطلب بعث الصناعات الكبرى المتعددة ودعمها، وهي إلى الآن لا تزال مبتدئة تحبو، وتحتاج إلى من يسندها، أما الزراعة فثابتة لا خوف عليها.
وتطورنا الحاضر لهذا السبب يقتضي استغلال أموالنا في الصناعة أكثر مما يقتضي استغلالها في الأرض والزراعة، أجل، يجب ألا تكون الأرض مقبرة لأموالنا.
بل حتى الريف المصري، يجب أن يستصنع بالصناعات الصغيرة الآن، ثم بالصناعات الكبيرة في المستقبل.
لقد سبق أن قيلت كلمة كافرة أذيعت في مصر كثيرا، هي أن «بلادنا زراعية»، ولكن اتضح الكذب في هذه الكلمة حتى لم نعد نؤمن بها، ثم جاء اكتشاف البترول منبها لنا؛ لأنه الوقود الذي سنبني به صناعاتنا إلى جنب القوة الكهربائية من خزان أسوان.
ولن تتفشى الصناعات إلا إذا كان الإغراء كبيرا للمقدمين عليها، بحيث يحسون أنهم سيربحون منها أكثر مما يربحون من الزراعة، ولهذا يجب ألا يرهقوا بالضرائب.
الفصل الرابع والتسعون
هذه الغوغاء من الصحف
هناك صناعة مليئة بالشرف، حافلة بالإقدام، يجب علينا نحن الصحفيين أن نتأمل منطقها وأخلاقها، ونعنى بها صناعة الطب، فإن فيها عبرة كبيرة لنا.
فإنه ليس ثمت شك أن الطبيب يزداد كسبا إذا ازدادت الأمراض، ولكن الأطباء لا يفشون الأمراض، بل يكافحونها، ويجدون لتعميم الصحة، وهذا مع أنهم يعرفون أنه لو عمت الصحة جميع السكان لما كسبوا وارتزقوا.
ناپیژندل شوی مخ