واتجها ملتصقين نحو السرير. وفي الطريق أطفأ النور. - ألم تصادفك متاعب؟ - كلا.
هي أدرى بأمرها وهو لا يهمه شيء. ورفع شفتيه عن ثغرها لحظة ليسألها: لم أعرف اسمك؟ - كريمة.
فهمس في أذنها من خلال أنفاس حارة: جدا.
إذن فأنت من النوع المقتحم! لم أفطن إلى طبعك بسبب دهائك الجميل. وفي الوقت المناسب لا يردك شيء عما تريدين. ما أحلى الحب في الظلام! وتحقق حلم الجنون في دوامة من الذهول، وانصهر التأمل في وقدة طاغية، وسبحت موجة من النار في الظلمة الدامسة، واستحكمت لحظات النسيان المطلق، فالتهمت الماضي والحاضر والمستقبل. - قلت إنك أكثر من كريمة! - وأنت!
وتسللت إلى أنفه رائحة خفيفة، ولكنها مثيرة، جمة الذكريات. وتوقع أن يسمع هدير البحر. حتى تواصل تردد الأنفاس كصدى رنين الأوتار بعد توقف العزف. ورأى الظلمة مرة أخرى. سواء فتح عينيه استطلاعا أم أغمضهما شبعا وارتياحا. وقال بصوت منغوم: في الدنيا أشياء تستحق عليها التهنئة حقا. - سيجارة من فضلك .
أشعل لها سيجارة وهو يقول: ظننتك غير مدخنة. - نادرا جدا ما أدخن.
وترك العود يعكس على جسدها ضوءه، ولكنها نفخته فساد الظلام، وانتشرت رائحة فسفورية خفيفة. - لم ألمس فيك طوال الأيام الماضية إلا المعاندة! - ولا المعاندة! أنا لا أبدي شيئا. - أما أنا فصارحتك بكل شيء من أول يوم.
فضحكت قائلة: عندما رأيتك قادما منذ عشرة أيام قلت لنفسي هذا هو!
فهتف بانتصار: الإسكندرية؟ - كلا، لا أقصد هذا، ولكنني قلت هذا هو رجلي. - والإسكندرية؟ - أنت تختلق حكايات لا أصل لها. - حقا؟ - ولم أكذب عليك؟ - عجيب أن يخلق مثلك مرتين! - يجب ألا يسرقنا الوقت حتى لا تحدث حوادث. - كيف أمكنك المجيء؟ - أخذ المنوم فنام، متاعبه كلها تتجمع عند النوم. - ولكنك خيبت ظني، طالما قلت لنفسي إذا كانت هي فتاة الإسكندرية فقد يعني هذا أنني سأوفق في البحث. - تعني أباك؟ - نعم. - ما حكايتك بالضبط؟ - نشأت وأنا أظن أبي ميتا، ثم أخبرني ثقة بأنه حي، هذه هي الحكاية باختصار. - لعلك تبحث عن المال؟ - ولكنه ليس كل شيء، الذي يهمني الآن أكثر من سواه أن أسمع منك أنك ستجيئين كل ليلة؟ - كلما وجدت فرصة.
فقبلها قبلة طويلة هادئة، فقالت بشقاوة: كلما راق لي ذلك.
ناپیژندل شوی مخ