ولا شك أنه من العظماء الذين أثبتوا نبوغهم وتفوقهم بالواقع الملموس ، فإنه فتح المعاقل وارشد الضلال ، وأدى الأمانة لمواليه ، ووفاء بالعهد ، ونهض بمشروع الزعامة فظفر بغنيمة المسجد والثناء الصالح.
وآثار الرجال إذا تناهت
الى التاريخ خير الحاكمينا
واستأثر بغاية وأسما من كل غاية ، فكان يعمل الخير للخير ويتعب نفسه ليسعد المجموع ، وكان عصاميا ، ولو لم يكن كذلك ، لما قدر على إعادة ناموس الدولة الزيادية ، بعد ذهابها ولما استطاع أن يقف في وجوه كثير من المنازعين والمواثبين لتلك الدولة التي شاخت وذوى غصن مجدها ، وانهار بنيان عظمتها ولم يبق لها من النفوذ والسطوة ما تحمي به حماها.
* آخر طفل من بني زياد مرجان العبد واحداثه
قال الخزرجي (1): ولما مات الحسين بن سلامة انتقل الملك إلى طفل آخر منهم قال عمارة أظن اسمه عبد الله فكفلته عمة له وعبد حبشي اسمه مرجان ، وهو من عبيد الحسين بن سلامة فاستقرت الوزارة لمرجان ، وكان لمرجان عبدان حبشيان رباهما صغارا ، وولاهما كبارا ، وهما نفيس ونجاح ، وكان نجاح يتولى أعمال الكدرا (2) والمهجم (3) وبيش وهذه الأعمال الأربعة جل الأعمال الشامية غير زبيد ، وكان نفيس يتولى تدبير الحضرة ، فوقع التنافس بين نفيس ونجاح عند مرجان على تدبير الحضرة وكان نفيس ظلوما غشوما فكانت القلوب تنفر عنه طبعا وتميل إلى نجاح لرفقه ورأفته وعدله غير أن مرجان مولا هما كان يميل إلى نفيس ويحبه ، وكان ابن زياد وعمته يفضلان نجاحا على نفيس ، فلما علم نفيس بميل ابن زياد وعمته إلى نجاح
مخ ۶۵