د یابود د عصرو: د عربي ملت تاریخ (بڼه پنځم)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
ژانرونه
تنفرد كتب التاريخ اللاتينية
9
بذكر إيفاد بعثة من الملك شارلمان إلى الرشيد، ولا نعرف السر في إهمال المصادر العربية لهذا الحادث مع أنه ممكن الوقوع وجد معقول، فإن تتويج شارلمان في روما وتأسيس الإمبراطورية الرومانية المقدسة في سنة 800م كان يقضي أن يتصل الإمبراطور المقدس في المغرب بزميله في المشرق، ويتعرف إلى أحواله ويري العالم المسيحي أنه ذو صلة بالمشرق وأميره، ولكن المصادر الشرقية من إسلامية وغير إسلامية لا تذكر شيئا عن هذه الوفادة، ولعل الزمن يكشف لنا بعض الأخبار عنها، أما خلاصة ما ورد في المصادر الفرنجية اللاتينية فهي أن شارلمان أرسل وفدين إلى الرشيد؛ أحدهما كان سنة 797م، والثاني في سنة 802م، وأن الرشيد قابله بإرسال وفدين: أولهما في سنة 801م والثاني سنة 807م.
وأما وفد شارلمان الأول فكان مكونا من ثلاثة أشخاص؛ اثنان من أعيان المسيحيين هما «لانت فريد» و«سجموند»، ومعهما مترجم يهودي اسمه إسحاق، وأن الوفد قد قضى في ديار الإسلام ثلاث سنوات، مات خلالهما الرسولان ورجع المترجم وحده في سنة 802م، وفي سنة 801م ذهب الوفد الإسلامي إلى بلاط شارلمان، وكان مكونا من شخصين أحدهما فارسي والثاني مغربي ممثل عن الأمير إبراهيم بن الأغلب، وفي سنة 802م أرسل شارلمان وفده الثاني، وكان يحمل معه هبات لكنيسة القيامة في القدس، وأنهم بعدما زاروا الكنيسة قصدوا الرشيد، وعندما عرضوا على الخليفة مطالب شارلمان لباها جميعا، وكانت تنحصر في طلب الإشراف على الأماكن المقدسة المسيحية في ديار الإسلام وحماية النصارى فيها، ويرى البروفسور هالفن أن أقوال أينهارد المؤرخ اللاتيني غير معقولة؛ لأنه كثير المبالغة في تفخيم اسم إمبراطوره، وقد رجع هذا الوفد في سنة 806م، ثم في سنة 807م ووصل بلاط الإمبراطور شارلمان رسول عن الرشيد اسمه عبد الله، ومعه راهبان عن بطريق بيت المقدس توما، وكان مع رسول الخليفة هدايا نفيسة، وهو صوان ملونة فاخرة وأقمشة حريرية زاهرة وعطور وطيوب، وساعة مائية، وأوان نحاسية مطعمة.
هذه هي خلاصة ما ورد في المصادر الإفرنجية عن تلك الوفادات، ويرى المؤرخون الأوروبيون أن شارلمان قصد من ورائها تأييد خليفة بغداد المعنوي في استرداد الأندلس، ورغبة شارلمان في تأييده بطارقة المشرق في أنطاكية والإسكندرية والقدس؛ ليقفوا معه ضد بطريق القسطنطينية الذي كان يعضد البيزنطيون خصوم شارلمان ومنافسيه على ميراث تاج الإمبراطورية الرومانية.
أما الرشيد فإنه قصد بوفاداته تقوية مركزه ضد أعدائه الأمويين في الأندلس، وبسط نفوذه عليهم، ومعاونته في القضاء على خصومه البيزنطيين، والقضاء على نفوذهم المعنوي عند نصارى الشام والجزيرة بتقوية صلاتهم بالعرب.
هذا ما ورد في المصادر الإفرنجية القديمة، وما تناقلته عنها المصادر الإفرنجية الحديثة، أما المصادر العربية القديمة فتهمل هذه القصة إهمالا كليا، أما المصادر الحديثة فتشير بعضها إليها وقد ذكرها جماعة من المحدثين العرب، ومنهم الأستاذ جميل مدور فقد ذكر في كتابه اللطيف «حضارة الإسلام في دار السلام» خلاصة الحديث الذي دار بين الرشيد ورسوله إلى شارلمان لقوله: «إنا أتانا من ملك الفرنجة رسول يقرئنا منه السلام، ويلتمس جميل رعاياتنا بمن يحج إلى بيت المقدس من ملته، فرأينا أن نوجهك إليه بلطائف تروم إليه أن يتقبلها في سبيل المودة لغاية ترغب فيها إليه من التعصب على بني أمية الذين يمزقون الأندلس بما هو واقع بينهم من الحروب، فإذا وافقنا على ما نروم من الاستيلاء على ديارهم فهو المقصود من إيفادك إليه في هذه الرسالة، وتقدم إليه بالوعد الجميل بأننا نوفيه حقه في يوم الفتح، ونصرف له نفقة الحرب من بيت مالنا، ونجري الأرزاق الواسعة على جنده ونقاسمه ما تحوي خزائن الظالمين من المال والجوهر، واستصحب معك هذا اليهودي الذي جاء به رسوله ... وكان في لطائف الخليفة الأنبرذور فيل عظيم أبيض كان عند المهدي، وأقمشة فاخرة من الوشي المنسوج بالذهب، وبسط ديباج من طبرستان، وأعطار من اليمن والحجاز، ومسك وصندل وأعواد من الهند، وسرداق عظيم مجلل بأنواع الحرير، وكلاليبه من الذهب الملبس بالوشي، ومزولة كبيرة تدل على الأوقات في ليل ونهار، وهي من عمل صناع بغداد، وشطرنج بديع الحسن قد اتخذت أدواته من العاج.»
10
وممن ذكرها أيضا من المحدثين الدكتور فيليب حتي ورفقاؤه، فقد ذكروا في «تاريخ العرب المطول» أن: «القرن التاسع طلع فإذا زعامة السياسة العالمية يتقاسمها اثنان؛ شارلمان في المغرب وهارون الرشيد في المشرق، وليس من شك في أن الرشيد كان أقوى الاثنين وأرفعهما ثقافة، أما العلاقة الودية بينهما فنتاج المصلحة المتبادلة، فقد ابتغى شارلمان من مصادقة الرشيد الاستعانة به على عدوته بيزنطة؛ كما كان الرشيد يبتغي من مصادقة شارلمان الاستعانة به على أعدائه أمويي الأندلس» ... وروى كتاب الغرب أن هذه المودة بين الاثنين أدت إلى تبادل السفراء والهدايا مرارا، ومصدر هذه الرواية كتاب في «أخبار الملوك » تعرض أيضا لهدايا أخرى من بغداد بينها ساعة دقيقة الصنع، أما خبر الأرغن ذي الأنابيب الذي يروى أن الرشيد أرسله إلى شارلمان فهو غير صحيح ... كذلك قل في حكاية إهداء مفاتيح قبر المسيح إلى شارلمان فإنها مما نفاه البحث العالمي.
والغريب في أمر هذه الهدايا والسفارات أنه يرد لها ذكر في المصادر العربية، فهناك إشارات إلى مراسلات ومجاملات دبلوماسية، أما هذه التي نحن بصددها فلم ترد ... وقد أورد العقد (يعني كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي) كلاما عن عدة مراسلات بين خلفاء بني أمية وأباطرة بيزنطة، وذكر وفدا من لدن ملك الهند جاء يحمل الهدايا الفاخرة إلى الرشيد، ووصف الاستقبال الفخم الذي لقيه ذلك الوفد،
ناپیژندل شوی مخ