د یابود د عصرو: د عربي ملت تاریخ (بڼه پنځم)
عصر الازدهار: تاريخ الأمة العربية (الجزء الخامس)
ژانرونه
وكان الشروع في بناء المدينة الجديدة التي أطلق عليها اسم «دار السلام»، في سنة 145ه وضع الخليفة بيده أول لبنة وقال: «بسم الله، والحمد لله، الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين، ثم قال: ابنوا.» قال ابن الطقطقي: «وبلغ الخراج عليها أربعة آلاف ألف وثمانمائة وثلاثين ألف درهم.»
8
ودام البناء نحو خمس سنوات، واشتغل فيها نحو مائة ألف عامل، وقد استحضر لها المنصور المهندسين والبنائين والمزخرفين من الشام والموصل والروم والجبل والكوفة وواسط والبصرة، واختار أربعة من أهل الفضل والدين والعقل والهندسة للإشراف على العمل، منهم: أبو حنيفة الإمام الأعظم، ويظهر أن المنصور قد تأثر في تخطيط مدينته بالطريقة الفارسية في تحصين المدن، وفصل أصناف السكان والابتعاد عنهم، وتصعيب الوصول إلى الحاكم، وفي سنة 150ه ابتنى المنصور مدينة الرصافة لابنه المهدي، وعمل لها سوارا وخندقا وبستانا وأجرى الماء إليها.
وأخذت دار السلام تنمو وتتسع ويعظم شأنها حتى ورثت مجد المدائن وبابل ونينوى وأور والحيرة، وسمت سموا لم تبلغه مدينة من عواصم الشرق القديم، ولما تم بناؤها حشر فيها المنصور العلماء والحكماء والفضلاء من كل فن، فقصدها الناس من كل بلد، قال الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»: «لم يكن لبغداد في الدنيا نظير في جلالة قدرها وفخامة أمرها وكثرة علمائها وأعلاقها؛ وتميز خواصها وعوامها، وعظم أقطارها، وسعة أطرارها، وكثرة دورها ومنازلها وروابيها وشوارعها ومحالها وأسواقها وسككها وأزقتها ومساجدها وحماماتها وطرقها وخاناتها، وطيب هوائها وعذوبة مائها وبرد ظلالها وأفيائها، واعتدال صيفها وشتائها، وصحة ربيعها وخريفها ...»
والحق أن بغداد بلغت شأنا عظيما في فترة قصيرة، وبخاصة في عهدي الرشيد والمأمون، ولم يعرف عن مدينة في الشرق القديم بلغت ما بلغته بغداد سوى القسطنطينية. (1-2) تنظيم الدواوين والإدارات العامة
أول ما يحس به المرء من التنظيم في عهد المنصور أن السلطان أصبح ذا تقاليد جديدة لم تكن معروفة من قبل؛ فقد كان باب الخليفة قبلئذ في المدينة ودمشق مفتوحا لكل قاصد، ليس على بابه إلا حاجب يستأذن لكل من أراد الدخول، أما قصر الخليفة في «دار السلام» فقد صار ذا تقاليد وآداب، ولم يعد الوصول إلى الخليفة بالشيء السهل، وأصبحت رؤية الخليفة أمرا عسيرا، وأصبح الوزير يدير شئون الناس ويتصل بهم، ثم يرفع إلى الخليفة نتائج أعماله، وكان من وراء الوزير أربعة نفر؛ هم القاضي وصاحب الشرطة وصاحب الخراج وصاحب البريد، ويروي الطبري قولة لأبي جعفر يظهر فيها رغبته في العثور على أربعة يثق بهم ويعتمد عليهم في تدبير أمور الدولة، قال: «ما كان أحوجني إلى أن يكون على بابي أربعة نفر لا يكون على بابي أعف منهم ... هم أركان الملك، فقاض لا تأخذه في الله لومة لائم، وصاحب شرطة ينصف الضعيف من القوي، وصاحب خراج يستقصي ولا يظلم الرعية، فإني عن ظلمها غني، والرابع صاحب بريد يكتب بخبر هؤلاء على الصحة.»
9
ويظهر من هذا القول أن الخليفة وإن كان قد حجب نفسه عن الناس إلا أنه ظل يراقب وزيره ومدبري أمور دولته، بل ربما كان يغالي في مراقبته حتى لا يجعل للوزير سلطانا عليه أو استبدادا بالناس، قال ابن الطقطقي في معرض حديثه عن وزراء المنصور: «لم تكن الوزارة في أيامه طائلة؛ لاستبداده واستغنائه برأيه وكفايته، مع أنه كان يشاور في الأمور دائما، وإنما كانت هيبته تصغر لها هيبة الوزراء، وكانوا لا يزالون على وجل منه وخوف، فلا يظهر لهم أبهة ولا رونق.»
10
وأول من تولى له من الوزراء هو أبو أيوب سليمان بن مخلد المورياني الأهوازي، وكان المنصور قد اشتراه صغيرا فثقفه وهذبه ودربه، فلما تولى السفاح أعجب بثقافته وذكائه فاختص به ، ثم أخذ أمره ينمو لما كان يتمتع به من ذكاء ودهاء وخبرة، حتى إذا تولى المنصور الخلافة قلده وزارته، ولكنه لما رآه قد أثري ثراء فاحشا وأخذ يسيء السيرة غضب عليه وصادر أمواله ثم قتله في سنة 153ه، ثم ولى الربيع بن يونس أمور وزارته وكان عاقلا نبيلا منفذا للأمور مهيبا فصيحا خبيرا بالحساب وإدارة الأعمال،
ناپیژندل شوی مخ