عصر الانطلاق: د عربي امت تاریخ (بله برخه)

محمد اسعد طلس d. 1379 AH
176

عصر الانطلاق: د عربي امت تاریخ (بله برخه)

عصر الانطلاق: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثاني)

ژانرونه

(1) إباحة الإسلام تعدد الزوجات

ينتقد المبشرون وأكثر المستشرقين ما أباحه الإسلام من تعدد الزوجات، ويزعمون أن الإسلام بإباحته هذه «النقيصة الاجتماعية» قد أفسد كيان الأسرة، وأدخل عليها الشقاق بما أثار بين الزوجات من عوامل الحقد والحسد والغيرة وقطع أوصال الأخوة بما يكون بين أبناء الضرائر من تنافر، وأن الإسلام الذي يزعم أصحابه أنه جاء لإصلاح ما فسد من أوضاع العرب الاجتماعية قد أبقى النقيصة الكبرى، فكأنه لم يعمل شيئا في سبل الإصلاح. والحق أن القرآن قد أباح تعدد الزوجات وسمح للمرء أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع، ولكنه قد قيد هذا الأمر بقوله:

فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة . فأنت ترى أن الإسلام قد قيد هذه الحرية بقيد يصعب الانفلات منه، فإن مجرد الخوف من عدم استطاعته العدل بين الزوجات يجعل تعدد الزوجات محرما. على أن بعض الفرق الإسلامية، وهم المعتزلة، ذهبوا إلى تحريم هذا الأمر لعدم إمكان «العدل»، ولتعسر تطبيق الشروط الإلهية فيه،

1

ثم إن مجرد الإباحة ليس معناها التحريض على فعل الأمر أو الوقوع فيه؛ فإن هناك كثيرا من الأمور التي أباحها الإسلام من باب التسهيل على الناس كتعدد الزوجات وإباحة الطلاق، فقد تمر ببعض الناس ظروف طارئة وأحوال قاهرة تضطرهم إلى فعل هذا الأمر. ونرى ونحن في صدر هذا الموضوع، أن نشير إلى موضوع شديد التماس به، وهو إباحة تعدد الزوجات؛ فقد زعم بعض الناس من رجال ونساء أن الإسلام لم يكن منصفا في إباحته تعدد الزوجات وتحريمه تعدد الأزواج، وكان ينبغي عليه تمشيا مع خطة العدل والإنصاف التي جاء بها أن يبيح للمرأة الواحدة أن تتزوج أكثر من زوج واحد، كما كان بعض العربيات يفعلن ذلك في الجاهلية. وقد تعرض الأستاذ عبد العزيز الجاويش في رسالته القيمة «الإسلام دين الفطرة» إلى هذه النقطة، وأجاب عنها بما نرى فيه المقنع الكافي، قال: وهنا مسألة أولع بإيرادها كثير من أحداث هذا الزمان، قالوا: لم جاز تعدد الزوجات على شرط دون تعدد الأزواج؟ ما أعلم أن ذلك يقضي بداهة إلى اختلاط الأنساب فيقع اللبس في نسبة النسل، ولا يخفى أن ذلك يقضي إلى تعطيل كثير من الأحكام الدنيوية كالنفقة والإرث وغيرها.

2

وأضيف إلى ما قاله أن العربيات المستهترات اللواتي كن يفعلن ذلك في الجاهلية كن بعض النساء البرزات اللواتي اتهمن من أخلاقهن، كسمية أم زياد

3

وأمثالها؛ فقد رووا أن جماعة من الرجال تزوجوها، فقد كان من عادة العرب في الجاهلية إذا تزوجت المرأة هذا التزوج وولدت ولدا ألحقت ولدها بمن تختار من أزواجها، ولا يخفى ما لهذا الإلحاق من العار للولد، وهذا أمر تأباه روح الإسلام السمحة النبيلة. (1-1) زوجات النبي

كما أثارت فكرة تعدد الزوجات في الإسلام كثيرا من حملات الانتقاد، كذلك أثارت قضية تعدد زوجات النبي حملات من أعداء الإسلام وزنادقته؛ فقد اتخذوا هذا الأمر وسيلة للطعن في النبي ووصفه بالشهوانية والإفراط في حب الدنيا واللذة الجسدية والجنسية. وقد رأيت لزاما على نفسي في هذا الموضوع أن أعرض لمناقشة هذه القضية، لا دفاعا عن النبي الكريم ولا إشادة بمحاسن أخلاقه وتنزيهه عن النقائص؛ فإن هذه الأمور ليست مجال مناقشة، وإنما تعرضت إليها لأبين الظروف التاريخية والمناسبات التي تزوج فيها النبي زوجاته، مع الإلمام بطرف من أحوال كل سيدة من زوجاته، وما أثر عنها، وما أثرت في الدين، وما خلفت للنبي الكريم من بنين وبنات وحفدة، وما كان لآل البيت النبوي الطاهر من أثر في الإسلام في العروبة خاصة، وفي الإسلام عامة.

ناپیژندل شوی مخ