عصر د بیا راپورته کېدنه: د عربي امت تاریخ (اتمه برخه)
عصر الانبعاث: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثامن)
ژانرونه
4
أما الأراضي الداخلة ضمن هذه الحدود المعدلة، وهي التي تستطيع إنكلترة أن تعمل فيها بملء الحرية دون الإضرار بحليفتها فرنسة، فإنكلترة مستعدة أن تعترف باستقلال العرب فيها، وتقديم المساعدة لهم. وأما ما يتعلق بولايتي البصرة وبغداد، فإن مركز إنكلترة ومصالحها فيهما يتطلب شكلا إداريا خاصا، وتعترف إنكلترة بوحدة الأراضي المقدسة، وتتعهد بحمايتها من كل اعتداء خارجي.»
وتقدم بريطانية للعرب كل مساعدة أو نصيحة لازمة، ويوافق العرب على الاقتصار على استشارة ومعونة وإدارة بريطانية العظمى وحدها، ويرضون بأن يكون جميع الموظفين الذين يحتاجون إليهم لتنظيم دوائر مملكتهم من التبعة البريطانية.
فلما تلقى الشريف هذه الرسالة أجاب عليها بتاريخ 5 تشرين الثاني سنة 1915 برسالة يقول له فيها: «إنه لا يصر على أن تكون مرسين وآذنة ضمن حدود البلاد التي يطلب الاعتراف باستقلالها. أما ولايتي حلب وبيروت وسواحلهما، فكلها عربية، ولا فرق بين المسلم العربي والمسيحي العربي. وأما العراق فهو كذلك عربي بحت، وهو مهد حضارة العرب ومدنيتهم، ولا يمكن للعرب أن يقنعوا بالتنازل عنه، وكل ما يمكن التساهل فيه هو أن الأراضي التي تحتلها الجيوش الإنكليزية الآن تترك لمدة قصيرة تحت إدارة إنكليزية لقاء تعويض عن مدة احتلال تلك المنطقة. ومن بداهة الأمور أن الموظفين الإنكليز الذين يحتاج إليهم العرب، لا يكون لهم إلا صفة استشارية، ويجب أن يتأكد العرب من أن إنكلترة لا تهملهم عند انتهاء الحرب، وعقد معاهدة الصلح، بل تمد يدها إليهم وتدافع عن استقلالهم.»
فأجابه ماكماهون برسالة تاريخها 13 كانون الأول سنة 1915 قال فيها: إنه مسرور لتنازله عن مرسين وآذنة، وإن قضية ولايتي حلب وبيروت تحتاج إلى تدقيق نظر لما لفرنسة فيهما من مصالح، وإنه سيعود إلى المفاوضة بهذا الصدد في الوقت المناسب، وإن مصالح إنكلترة في ولاية بغداد تتطلب إدارة ودية ثابتة، وأن إنكلترة لا تنوي إبرام أي صلح كان ما لم يكن في جملة شروطه الأساسية حرية الشعوب العربية وخلاصها من سلطة الأتراك والألمان.
وفي 1 كانون الثاني سنة 1916م كتب الحسين إلى ماكماهون رسالة، قال له فيها: «إنه يكف أثناء الحرب عن المطالبة بلبنان؛ حبا لاجتناب ما يكدر صفو التحالف بين إنكلترة وفرنسة، ولكنه سيعود بعد الحرب إلى المطالبة به.»
فأجابه مكماهون في 30 كانون الثاني من تلك السنة برسالة، قال له فيها: «إن صداقة فرنسة وإنكلترة ستقوى وتشتد بعد الحرب.»
وهكذا انتهت المراسلات بين الشريف وماكماهون بعد أن كان العرب قد تورطوا في مد يد المساعدة إلى الحلفاء، فلما ظهرت منهم هذه النوايا السيئة، والأطماع في العراق، وبعض أجزاء سورية ولبنان؛ هالهم الأمر، وعلموا أن نوايا بريطانية وصديقتها فرنسة هي نوايا استعمارية. وقد اجتمع بعض أحرار العرب، أمثال: عزيز علي المصري ومحمد رشيد رضا، وطالبوا الحسين بأن يكف عن مناصرة البريطانيين بعد أن تبينت نواياهم العدوانية ضد العرب، على أن يفاوضوا الدولة العثمانية بتعديل موقفها من العرب وقضاياهم، وتطلق سراح من في سجونها من شبان العرب. فأبرق الشريف حسين برقية إلى أنور باشا وزير الحربية العثمانية في آذار سنة 1916م يطلب إليه الإفراج عن المسجونين، ومنح بلاد الشام نظاما لامركزيا، وإعلان استقلال الحجاز، وجعلها وراثية في أعقابه. فاعتذر أنور باشا عن تلبية هذه المطاليب وأن الأحكام الصادرة بحق المسجونين لا بد من تنفيذها. فأبرق الشريف إلى جمال باشا يعرض عليه ما عرض على وزير الحربية، فأجابه جوابا فيه كثير من ألفاظ الوعيد والتهديد، فأدرك الحسين وأولاده أن الأتراك مصممون على سياسة العنف وعلى التنكيل بالحسين وأنجاله وبأحرار العرب، وأحس الشريف فيصل أن جمال باشا سيفتك به، فاحتال عليه ليأذن له بالسفر من دمشق إلى الحجاز، وتظاهر بأنه مسافر إلى المدينة لكي يحضر المتطوعين العرب الذين استدعاهم جمال باشا.
وغادر دمشق في السادس عشر من أيار سنة 1916م بعد أن رأى إخوانه من أحرار العرب ورجال جمعيتي «العربية الفتاة» و«العهد» معلقين على الأعواد في بيروت ودمشق وحلب. ولما وصل إلى المدينة رأى أن الأتراك ينظمون خططهم للفتك بأبيه وبعرب الحجاز، فاجتمع إلى أخيه الأكبر الشريف علي ونظما خطتهما، وجمعا بضعة آلاف مقاتل استطاعا بها أن يهاجما أطراف المدينة في 8 حزيران سنة 1916م، وأعلن الشريف حسين في 10 حزيران سنة 1916م الموافق ليوم 9 شعبان سنة 1334ه إعلان الثورة العربية من مكة المكرمة.
ولما بلغ خبر الإعلان إلى ديار الشام والعراق فرح الناس بذلك فرحا عظيما، وزحفت جيوش الحلفاء نحو العراق فاحتلت ميناء البصرة، ثم سارت نحو كوت الإمارة «العمارة» في اتجاه بغداد، كما اشتبك الإنكليز مع قوى الأتراك في حملة السويس بقيادة جمال باشا الذي أراد الاستيلاء على قناة السويس وطرد الإنكليز من القطر المصري.
ناپیژندل شوی مخ