عصر د بیا راپورته کېدنه: د عربي امت تاریخ (اتمه برخه)
عصر الانبعاث: تاريخ الأمة العربية (الجزء الثامن)
ژانرونه
قد أخذت تظهر وتنتشر في ذلك الحين، حتى إن بعض النواب العرب في مجلس النواب العثماني قد أعلنوا ذلك للملأ، وبينوا أضراره وخطره، وحالوا دون تمكين اليهود من شراء أراضي فلسطين، وفي طليعة هؤلاء النواب السيد شكري العسلي نائب دمشق؛ فإنه حين رأى أن بعض الاتحاديين من اليهود الدونمة، وهم قوم خبثاء يظهرون الإسلام ويبطنون اليهودية ويعتنقون الصهيونية، وفي طليعتهم جاويد بك ناظر المالية العثمانية آنئذ، شرعوا ينفذون خطتهم بامتلاك فلسطين وشراء الأراضي من أهلها بأبخس الأثمان لإقامة دولة صهيونية يهودية فيها، وأنهم قاموا يؤلفون الجمعيات الهادفة إلى هذا الغرض «كجمعية أصدقاء فلسطين» و«جمعية تعاون فلاحي اليهود وصناعهم في فلسطين وسورية» و«الجمعية الصهيونية اليهودية» وغيرها من الجمعيات الصهيونية.
رأى هذا النائب القومي العربي ما يكمن وراء هذه الفكرة الخطرة من شرور على البلاد وقوميتها، فأعلن في الصحف وفي البرلمان العثماني أن الصهيونية خطر وبيل، وأن الجمعيات التي ألفت لهذا الغرض كالجمعية «الصهيونية اليهودية» وجمعيات «إيكا» و«فاعوليم» و«الأليانس» وغيرها ساعيات في استرجاع فلسطين التي وعدهم بها ربهم في الإصحاح الثاني والثلاثين من سفر أرمياء من الكتاب المقدس الباحث في أسر بابل لليهود، والذاكر وعد الرب برجوعهم إلى فلسطين بقوله في آخره: «يشترون الحقول بفضة، ويكتبون ذلك في صكوك، ويختمون ويشهدون شهودا في أرض بنيامين وحوالي أورشليم، وفي مدن يهودا، ومدن الجبل، ومدن السهل، ومدن الجنوب، لأني أرد سبيهم بقول الرب»، وذلك بعدما سبتهم حكومة الكلدان على أنهم لم يستطيعوا البقاء بعد ذلك؛ لأنهم أصبحوا محل التنازع بين حكومة الرومان في مصر، وحكومة الرومان في أنطاكية، ثم انقرضوا ولم يبق لهم ملك ولا دولة.
والآن عملا بهذه الآية يشترون الأراضي في فلسطين على حساب الفضة، ويشرطون البيع على أن يكون الثمن فضة، ويكتبون الصكوك ويشهدون، وهكذا تراهم لا يفترون طرفة عين، يتجسسون أخبار من تأخرت حالتهم المالية من أهل هذه البلاد، وهي عبارة عن لواء عكا بأجمعه، ولواء القدس، ولواء نابلس، وقسم من لواء الكرك، وبعض من قضاء عجلون، ويطمعون البائع بالثمن الفاحش، ويكتبون الصكوك ويشهدون عليها ويسجلونها عند محرر المقاولات، وعند بعض القنصليات. وكانت الحكومة قبلا منعت استعمارهم.
2
ولكن بما بذلوه من الدنانير التي تسحر ألباب الخائنين من الحكام والمستخدمين استطاعوا أن يستولوا على ثلاثة أرباع قضاء طبرية ونصف قضاء صفد، وأكثر من نصف قضاء يافا والقدس، والقسم المهم من نفس حيفا وبعض قراها، واليوم يسعون للدخول إلى قضاء الناصرة ليستولوا على سهل شارون ويزرعيل المذكور بالتوراة والمعروف اليوم بمرج ابن عامر الذي يشقه الخط الحجازي من الغرب إلى الشرق.
وهكذا اشتروا الكثير من القرى واستولوا عليها، وهم لا يخالطون العثمانيين ولا يشترون منهم شيئا، ولهم «بنك أنكلو فلسطين» يقرضهم بفائدة لا تتجاوز الواحد في المئة في السنة.
وقد جعلوا لكل قرية إدارة فيها مدرسة، وكل قضاء مديرية، ولكل جهة مدير عام، ولهم راية لونها أزرق وفي وسطها خاتم سليمان وتحته كلمة عبرانية معناها «صهيون»؛ لأنه جاء في التوراة أن «أورشليم» ابنة صهيون، ويرفعون هذا العلم مكان العلم العثماني في أعيادهم واجتماعاتهم، ويترنمون بالنشيد الصهيوني، وقد احتالوا على الحكومة فقيدوا أنفسهم عثمانيين في سجل النفوس كذبا وبهتانا، وهم لا يزالون حاملين الجوازات الأجنبية التي تحميهم، وعندما يصيرون إلى المحاكم العثمانية يظهرون جوازاتهم ويدعون الحماية الأجنبية، ويحلون دعاويهم واختلافاتهم فيما بينهم بمعرفة المدير، ولا يراجعون الحكومة، ويعلمون أبناءهم الرياضة البدنية واستعمال السلاح، وترى بيوتهم طافحة بالأسلحة، وفيها كثير من البنادق (المارتين)، ولهم بريد خاص وطوابع خاصة وغير ذلك مما يبرهن على أنهم بدءوا بتأسيس مقاصدهم السياسية.
والحق أن هذا النائب وإخوانه من النواب العرب في مجلس «المبعوثان» التركي قد استطاعوا وقف النفوذ اليهودي بعد مشادة قوية في دورة الربيع البرلمانية سنة 1912م، فاستكان اليهود إلى أن أعلنت الحرب العالمية الأولى، ورأوا علاقات ألمانيا بالباب العالي، فصبوا جهودهم على برلين؛ آملين أن يتوصلوا عن طريقها إلى دخول الباب العالي والسيطرة على رجالاته وتأمين أغراضهم الصهيونية في فلسطين.
أما صهيونيو بريطانية، فقد استطاعوا أن يجتذبوا عطف بعض الزعماء البريطانيين إلى قضيتهم، وفي طليعتهم «سكوت» رئيس تحرير جريدة «المانشستر غارديان» و«بلفور» وزير الخارجية و«لويد جورج» رئيس الوزارة و«هربرت صموئيل» الزعيم البريطاني اليهودي، الذين اشترتهم الصهيونية العالمية واليهودية البريطانية وعلى رأسها «حاييم وايزمن»، فاندفعوا إلى تأييدها إلى أن أعلن «بلفور» وعده لليهود بتأسيس وطنهم القومي في فلسطين، وكان ذلك في الثاني من تشرين الثاني سنة 1917م.
3
ناپیژندل شوی مخ