تاریخ ترجمه
تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي
ژانرونه
وأخيرا لا ننسى أن نذكر أنه بينما كانت هذه المحاولات تتخذ طريقها لوضع أو لترجمة أو لنشر القواميس، كان هناك شيخان، أحدهما إنجليزي، والثاني مصري أزهري، يجتمعان كل ليلة - لمدة سبع سنوات - في منزل متواضع بحارة الروم بالقاهرة وبين أيديهما نسختان من القاموس المحيط، ونسخ كثيرة من قواميس اللغة العربية المختلفة، فيقرآن ويراجعان، ويتفهمان ويصححان، فإذا مضى الهزيع الأول من الليل عاد الشيخ الأزهري إلى داره، وعكف الشيخ الإنجليزي على ترجمة ما قرأ في ليلته إلى اللغة الإنجليزية، فلما أتم تسعة أعشار القاموس عاد إلى وطنه، وظل صديقه الأزهري يوافيه بالعشر الباقي بعد مراجعته، وهناك أتم ترجمة القاموس، وطبع بنصيه العربي والإنجليزي الطبعة الأولى في لندن سنة 1863 تحت عنوان «مد القاموس عربي إنكليزي
Arabic English Lexicon ».
أما الشيخ الإنجليزي فهو المستشرق المعروف «مستر لين
M. Lane » وأما الشيخ الأزهري فهو الشيخ إبراهيم عبد الغفار الدسوقي الذي يقول بعد أن قص قصة علاقته بصديقه: «وقد وردت أجزاء من الكتاب المترجم إلى بعض الذوات بمصر، مطبوعة باللغة العربية والإنكليزية باسم هذا الرجل، مرسوما فيها صورتي، والثناء على ما كان من مروءتي.»
27
الفصل السادس
الطبع والنشر
تحقيق تاريخ إنشاء مطبعة بولاق، الباعث والمشير بإنشاء المطبعة، إحضار أجزاء المطبعة الأولى من إيطاليا ثم من فرنسا، إنشاء مصنع للورق بمصر، مديرو المطبعة، موظفوها، المطابع الأخرى في: مدارس الطب، والهندسة والطوبجية، وفي القلعة، وفي سراي الإسكندرية، الغرض الأساسي من إنشاء هذه المطابع، توزيع الكتب على تلاميذ المدارس، الإقبال على الكتب المترجمة خارج المدارس، محمد علي يهدي نسخا من الكتب المطبوعة لملك فرنسا، ولملك روسيا ولشاه العجم. ***
كانت أول دولة شرقية عرفت الطباعة هي تركيا؛ فقد أدخلت إليها أول مطبعة في سنة 1728، ثم تلتها سوريا، فقد جلبت إليها الإرساليات الدينية المطابع لطبع الكتب الدينية، فلما وفدت الحملة الفرنسية على مصر أحضرت معها مطبعة «البروباجندا» من إيطاليا، ولكن هذه المطبعة لم تعط الفرصة الكافية والهدوء اللازم لتخرج للشعب مطبوعاتها، ثم قدر لها أخيرا أن تخرج من مصر بخروج الحملة.
وظلت مصر خالية من المطابع نحو العشرين عاما حتى بدأ محمد علي يضع الأسس لإصلاحاته، وكان عماد هذه الإصلاحات في نظره مدارس جديدة، وجيشا جديدا، يتبع في إنشائهما النظم الأوروبية الحديثة، ورأى أن هذه النظم الحديثة لا توجد في الكتب العربية أو التركية القديمة، وهنا اتجه تفكيره إلى إنشاء مطبعة في مصر تزود هذه المنشآت بالكتب اللازمة.
ناپیژندل شوی مخ