147

تاریخ ترجمه

تاريخ الترجمة والحركة الثقافية في عصر محمد علي

ژانرونه

179

ويرى الدكتور عزت عبد الكريم أن عباسا: «أظهر منذ تولى الحكم في مصر أنه لن يكون الحاكم الذي يتابع سياسة جده، ويحنو على مؤسساته، ويؤيد نظمه،

180

وأن سيرته في الإصلاح الداخلي كانت فشلا متصلا، ولا يشفع له في ذلك أن حكمه كان قصيرا».

180

والسبب الأساسي لهذا كله في نظره يرجع إلى أن «سياسة عباس قامت على تسفيه الجهود التي بذلها محمد علي وإبراهيم في ميدان الإصلاح الداخلي، والسياسة التي اعتقد أنهما كانا يتمسكان بها، ويدعوان إليها في تقرير علاقات مصر بالدولة العثمانية، والدول الأوروبية».

180

فإذا فهمنا سياسة عباس الأول على هذا الأساس لم يكن من العسير إذن أن نفهم لم أقفلت معظم المدارس الخصوصية في أول عهده، وكانت مدرسة الألسن أول مدرسة ألغيت؛ وذلك أن مؤسسها وناظرها كان من المقربين لمحمد علي وإبراهيم الحائزين لثقتهما؛ لهذا نشأ بين عباس ورفاعة نوع من الكراهية وسوء التفاهم، لم يوضح رفاعة نفسه، ولم يوضح المؤرخون المعاصرون أسبابه الحقيقة مما دعا المؤرخين المحدثين إلى أن يذهبوا في تفسيره مذاهب شتى؛ فالأستاذ عبد الرحمن الرافعي بك يرى أن لكتاب رفاعة «تخليص الإبريز» سببا يتصل بنفيه؛ إذ لا يخفى أنه طبع للمرة الثانية سنة 1265، أي في أوائل عهد عباس باشا، والكتاب يحوي آراء ومبادئ لا يرغب فيها الحاكم المستبد، وعباس باشا الأول كان في طبعه مستبدا غشوما، فلا بد أن الوشاة قد لفتوا نظره إلى ما في كتاب رفاعة بك مما لا يروق لعباس، فرأى أن يبعده إلى الخرطوم ليكون السودان منفى له، ولا غرابة في ذلك، فلو أن هذا الكتاب ظهر في تركيا على عهد السلطان عبد الحميد لكان من المحقق أن يكون سببا في هلاك صاحبه، فمن الجائز أن يكون عباس باشا قد رأى نفي رفاعة، وأمثال رفاعة إلى السودان، ليبعدهم، ويبعد أفكارهم وثقافتهم عن مصر ، واتخذ لنفيهم صورة ظاهرة وهي إنشاء مدرسة بالخرطوم.

181

أما الدكتور عزت عبد الكريم فيرى أن هناك احتمالين لإبعاد رفاعة إلى السودان، أولهما سعي علي مبارك، الذي عاد من أوروبا مليئا بالأطماع، والذي كان يحقد علي رفاعة ما أصاب من مكانة، وقد قرب عباس إليه علي مبارك وأبعد رفاعة إلى السودان، فلما خلفه سعيد قرب إليه رفاعة، وأبعد علي مبارك إلى القرم

ناپیژندل شوی مخ