تاريخ تمدن اسلامي

جرجي زيدان d. 1331 AH
128

تاريخ تمدن اسلامي

تاريخ التمدن الإسلامي (الجزء الأول)

ژانرونه

فإذا بويع في داره جاؤوه بموكب الخلافة، وهي أفراس مسرجة ولكل دابة سائس بالألبسة الفاخرة، فيركب الخليفة وحوله الفرسان من كبار الدولة، ويمشي بين يديه رجل بالحربة، ويصف الجنود في الطريق صفين يسير الموكب بينهما إلى دار الخليفة، وهي دار العامة في بغداد، ثم ترد عليه وفود المهنئين من الأمصار على مقتضى الأحوال. (3) يمين البيعة

يختلف نص يمين البيعة باختلاف الدول والأحوال، وإن كان مرجعها واحدا، فلما بايع الأنصار النبي بالعقبة قالوا «يا رسول الله، إنا برآء من ذمامك حتى تصير إلى دارنا، فإذا وصلت فإنك في ذمامنا، نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأبناءنا ونساءنا». وهناك نص آخر تمت به البيعة بالعقبة يعرف ببيعة النساء، وهي «بايعنا على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف، فإن وفيتم فلكم الجنة، وإن خشيتم من ذلك شيئا، فأمركم إلى الله - عز وجل - إن شاء عذب، وإن شاء غفر».

ويمين بيعة بني العباس منذ طلبها لهم أبو مسلم الخراساني هي:

أبايعكم على كتاب الله وسنة رسول الله

صلى الله عليه وسلم

والطاعة للرضا من أهل بيت رسول الله

صلى الله عليه وسلم

عليكم بذلك عهد الله وميثاقه والطلاق والعتاق والمشي إلى بيت الله الحرام على أن لا تسألوا رزقا ولا طعما حتى يبتدئكم به ولاتكم.

وقد اختلفوا في نص يمين البيعة وفي كيفية الاحتفال بالمبايعة باختلاف الدول، ولكن الجوهر واحد، وهو تبادل العهود بين الخليفة ورعيته بالسير على ما يقتضيه الكتاب والسنة ونحو ذلك، وكان شأنهم في المبايعة الاختصار كما تكون الدول في أبسط أحوالها، وكانت البيعة تتلى شفاها ثم صارت تكتب وتحفظ، وكانت كلمات قليلة فصارت سطورا عديدة بما أدخلوه فيها من الحشو والإطناب، لما اقتضاه استغراق القوم في الترف من الميل إلى التفخيم والتبجيل والتطويل، شأن الدول في أيام بذخها.

وقد تغيرت صورتها، فبعد أن كان الرجل يخاطب الخليفة بالبيعة، أصبح أحد الوزراء ممن يأخذون البيعة للخلفاء يخاطبون المبايع ويشترطون عليه الشروط، كما فعل أبو مسلم، وهذا نص بيعة الخلفاء العباسيين في أواسط دولتهم، وفي نشرها ما يغني عن الإسهاب:

ناپیژندل شوی مخ