ويؤمر بالعفو للذنب الذى يستوجب القتل ، وقد رأينا أن لا فائدة فى أحكام وسنة السلف السابق وكان الضر والنقصان يحل بالعامة فى العدد والقوة ، فأمرنا بوضع هذا الحكم وتلك السنة المستحدثة حتى يعمل بها فى عهدنا ومن بعدنا ، وأمرنا بالقضاة لو عادت تلك الجماعة من المجرمين إلى ارتكاب جرائمهم مرة أخرى بعد أداء الغرامات التى حددت لهم فلتقطع آذانهم وأنوفهم دون أن يتعرضوا لعضو آخر من أعضاءهم.
الفصل الآخر : الذى كتبته عن أمر البيوتات والرتب والدرجات التى أمر السلطان بإحداثها وإبداعها ، فإن البيوتات والدرجات هى الأركان والأوتاد والقواعد والمحاور وكلما زال الأساس تداعى البيت للخراب وانهار ، فاعلم أن فساد البيوتات والدرجات على نوعين :
الأول : أن يهدم البيت وأن يجاد أن تعطى الدرجة بغير حق ، أو أن يضع الزمان نفسه من عزمهم وبهائهم وجلال قدرهم دون سعى آخر ، فيأتى من بعده نسل وضيع فيتخذ أخلاق الأجلاف شعارا ، ويهمل أسلوب التكرم فيذهب وقارهم بين العامة فينشغل أصحاب المحن بكسب المال ، ويتخلون عن الفوز بالفخر وادخاره ويصاهرون الأخساء الوضعاء ممن ليسوا أهلا لهم ، ولهذا ينتج توالد وتناسل المنحطين الوضعاء الذى يؤدى إلى تهجين المراتب والدرجات ، ولكى يرفع السلطان من مراتبهم ويمنحهم درجة الشرف والرفعة فقد أمر بما لم نسمع به من أحد قط من قبل ، وهو أن يكون هناك تمييز ظاهر وعام وباد للأعين فيما بين أهل الدرجات عامة فى المركب واللباس والبيت والبستان والزوجة والخدم ، كما وضع فروقا بعد ذلك بين أرباب الدرجات فى الدخل والمشرب والمجلس والموقف والثوب والحلية والأوعية ، بحيث تحفظ أماكنهم ومواضعها بقدر كل واحد منهم ، وحتى يعرف كل منهم من حظه ومحله ما يناسبه فلا يشاركهم أحد ، ولا يخالط العامة قط فى أسباب التعيش ولا فى النسب والنكاح إذ يكون هذا محظورا بين الجانبين وقال : إنى أعلم أن المرأة بمنزلة الوعاء ، وفلان من قبيلتنا كانت أمه كالتابوت (فاقدة الإحساس كالأموات) ولقد منعت أى إنسان من أن يتزوج من امرأة من العوام حتى يبقى النسب محفوظا وكل من يفعل ذلك (أى يتزوج من امرأة من العامة) يحرم عليه الميراث كما أمرت بأن لا يشترى العامة المستغلون أملاك أبناء العظماء وبولغ فى هذا الأمر ، حتى تبقى لكل واحد درجته ورتبته المعينة ، ولتسجل وتدون فى الكتب والدواوين.
مخ ۴۰