المطر الذى يحيى الأرض والشمس التى تمدها بالطاقة ، والريح التى تنفخ فيها الروح ، فإن وقع إفراط ، فى العذاب وسفك دماء مثل هؤلاء القوم مما لا يظهر له نهاية ، فإننا نعد ذلك حياة وصلاحا سوف تصبح به أوتاد الملك والدين فى الزمن المستقبل فى كل لحظة أكثر إحكاما وقوة ، وكلما زاد فى العقوبة من أجل أن ينصرف كل عضو إلى مركزه واختصاصه ، كانت النتيجة أكثر نفعا وحمدا ، ومع أنه قرر أن يكون لكل عضو رئيس قائم عليه ، ومن بعد الرئيس عارض حتى يحصيهم عددا ، ومن بعد مفتش أمين حتى يفتش عن شوائبهم ، ومعلم كذلك حتى يقوم على تعليم كل واحد منهم حرفته وعمله منذ الطفولة ، وليطمئنوهم ويسكنوهم فى تصرف معيشتهم ، كما نظم وعين المعلمين والقضاة والسدنة الذين يقومون بالتذكير والتدريس ، كما أمر معلمى الأبطال والفرسان بأن يهتموا بتدريب أبناء القتال فى المدن والقرى على السلاح وفنون القتال وآدابه ، حتى يشرع جميع أهل الممالك كل فى عمله ، حيث قال الحكماء الأوائل : " القلب الفارغ يبحث عن السوء واليد الفارغة تنازع الإثم" ومعناه : إن القلب الفارغ من العمل دوما يسعى وراء المحالات ويتتبع أخبار الأراجف ، وحيث تتولد الفتنة من ذلك ، وأن اليد التى تلاصقه تتعلق بالآثام والجرائم.
وقد أوضحت أن ألسنة الناس قد طالت فى التحدث عن سفك السلطان للدماء ، وأنهم فى قلق لذلك والجواب هو أن كثيرا من الملوك يكون قلة قتلهم إسرافا ، لو قتلوا عشرة أشخاص بحيث يعد ذلك كثيرا كما لو كانوا قد قتلوا الآلاف ، بل يجب قتل المزيد لأنهم يكونون مضطرين لذلك آنذاك مع أهله ، ومع هذا فكثير من الأشخاص مستحقون للقتل إلا أن السلطان يعفو عنهم وهو أكثر رحمة وأقل إذن بكثير من" بهمن بن إسفنديار" الذى أجمعت أمم السلف على رفعته ورحمته وإنى أوضح لك أن قلة القتل والعقوبة فى ذلك الزمان وكثرته فى هذا الزمن إنما هو بسبب الرعية لا بسبب السلطان وليعلم أن العقوبات تنقسم إلى ذنوب ثلاثة وهى :
الأول : بين العبد وربه عز اسمه حين يرتد عن الدين ويحدث البدعة فى الشريعة.
والثانى : بين الرعية والسلطان حين تعصى أو تخون أو تغش.
مخ ۳۸