السحر وقلائد الدر" للإمام" أبو الحسن بن محمد اليزدادى" وقد ألفها باللغة العربية على نحو لا يتيسر معناها إلا لمن بلغ الغاية فى علم البلاغة ، حيث كان غرضه الفصاحة فى العبارة والتأنق فى الاستعارات ، وليس لبيان الحكايات والروايات ، فلما أدركت أنه فرض فى استيعاب أنواع العلوم من بين مشاهير جماهير" طبرستان" ، وأنه مصنف لكتب كثيرة فقلت بقريحة جريحة وفكرة غير صحيحة وقلب مفعم بالغبار وعين دامعة بالعبرات :
وأضحى ذكرهم لذوى الأمانى
ضلالا فيه قد تاهوا وهاموا (1)
فقصرت بحمل الهمة والنية على أن أترجم ذلك الكلام ، وأن أورد طرفا من ذكر مناقب ومعالى الملك" حسام الدولة أردشير" وأسلافه العظام وأخلاقه ذوى القدر ، عسى أن يتحقق قضاء حقوق تربيته ومواهب عطيته ، لكن بقدر الإمكان والوسع الذى مثل نمل سليمان وأرجل الجراد ، ولو أن الاعتراف بفضله أولى من الإغراق بوصفه ، فإن الإخبار عن محل النجوم بل فلك الأفلاك كما هى (عليه) متعذر.
ولما انتهيت من ترجمة الكتاب خلال عدة أيام وليال ، عرضته على السادة والعلماء الذين كانوا أغصان أعلام المآثر ورافعى أعلام المفاخر ، وكانوا لى إخوان الصفا ورفاق الوفا أصحاب المنظر البهى والمخبر الرضى ، والصدر السليم والقدر العظيم والشفيق الشقيق لا رفيق الرصيف ، فكنت طيلة هذه الفترة معهم فى حديث محاورة ونعمة مجاورة بحيث قالوا :
ولى صاحب ما خفت مكروه طارق
من الأمر إلا كان لى من ورائه (2)
وقلت لهم ما قاله السابقون :
لا تعرضن على الرواة قصيدة
ما لم تبالغ قبل فى تهذيبها (3)
وأنتم تعلمون أن للكلام (الحديث) طبقات وطرقا ومذاهب وليس للطائف ظرائفه ولا نفحاته المتأرجة ولا صفحاته المتبرجة نهاية ، ولو أنى أزين هذه الحكاية العارية والتى صدرت عن كرب حازب وهم لاذب بالزينة المستعارة ، لكان من الممكن أن يكون لهذه الأسماء خاطب ، ولكنها لعقلاء مخاطبا واتفق الجميع على أنها نفاق للإنسانية بلا شائبة ، نفست عن المكروب وأهديت الروح والراحة إلى القلوب ، وقوى رأى بمدد
مخ ۲۳