بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أحكم الوجود وأتقنه، ونقل آدم إلى الأرض وأسكنه، وبث ذريته فيها ونشرهم عليها، فكلما مضى منهم قرن وذهب غيره ووقب 1 إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، ومن جملة حكم الله تعالى التاريخ الموضوع لحفظ الأمم، ومعرفة من غبر منهم ونجم، وما مر من الأعوام وتصرم من الأنام تبصرة لمن اذكر، وعبرة لمن اعتبر.
أحمده على ما منح من الفضل وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة أدخرها ليوم الفصل، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الحاشر 2، العاقب 3، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الغر أولي المناقب ..
أما بعد فهذه فائدة مستظرفة، وتحفة منتخبة، تشتمل على تاريخ مدينة صفد، مما لم يسبق إلى تدوين ذلك أحد، نقلت بها أمورا مجملة لعدم الظفر بها مفصلة، وإذا فتح باب في أمر لم يتيسر لفاتحه الأقل، ثم يتبعه أهل الفضل وينمقونه بغرائب النقل.
وكان السبب في تأليفها، والباعث على تصنيفها مذاكرة حصلت في ضبط نوابها 4، اقتضت تعليق هذه الفائدة، وفتح بابها بين يدي من جعله الله تعالى في محبة العلم الشريف وأهله علما ووهبه من فضله سيفا وقلما، ومنحه اليمن في آرائه وتدبيره، وقرن السعادة بثغور أساريره، عمر لهذه المملكة بفضله وإنعامه، وزينها في المجالس بوجهه، كما شرفها بوطىء أقدامه، وأثر فيها آثارا محمودة، واستضىء حكامها في مهماتهم السعيدة سبل أن ينور فأنار، فظهر من حسن سيرته ماسر أولو الألباب، وكان طول ليله في الحراسة، وجميع نهاره في السياسة، مع المواظبة على أوراده، والملازمة لاجتهاده.
مخ ۱۱۴