تاریخ قسطنطینیه
التحفة السنية في تاريخ القسطنطينية
ژانرونه
ثم عاد الصليبيون ثانية، وأخذوا القسطنطينية في السنة الثانية تحت راية الملك ديكاي مرتزفل المذكور، وإذ ذاك استقر الصليبيون وأقروا القسطنطينية على حال واحدة، وأسسوا فيها المملكة اللاتينية، وكان جلوس ديكاي مرتزفل على كرسي الملك سنة 1204ب.م؛ أي في السنة الثانية بعد خلع الملك ألكسيس الرابع الصغير، وكانت مدة حكم ديكاي المشار إليه أشهرا قليلة ؛ حيث قلبه الصليبيون عن منصب الحكم، وولوا عوضه بودوان أمير مقاطعة قديمة في فرنسا تدعى فلاندر، وهذا الأمير كان قائد جيش الصليبيين، وفي سنة 1261ب.م حضر الملك ميخائيل بالولوغوس الثامن - ملك مدينة نيس «من أعمال إيطاليا» - واستولى على القسطنطينية بغتة، وصعد عرش المملكة الشرقية واستوى، وهذا الملك هو من أوجه العائلات في الشرق، تولى أولا مدينة نيسا «مدينة من بلاد الأناضول»، وهو سلطان مملكة البالولوغوس، والبالولوغ هي عائلة شريفة، خرج منها عدة ملوك وتولوا القسطنطينية، فمات الملك ميخائيل سنة 1282ب.م؛ إذ كان يجهز عساكره على طراشيا التي يدعونها الآن روملي، فالصليبيون هم الذين اكتشفوا البوصلة - أي بيت الإبرة - التي صارت بها حالة الملاحين إلى الأمن والطمأنينة، وسهلت المعاملات بين الأمم البعيدة، فكأنها قربت الناس بعضهم من بعض، وبعد ذلك كله هجم على القسطنطينية مرارا عديدة السلطان أورخان سنة 1337ب.م، والسلطان بايزيد، والسلطان مراد الأول. أما السلطان أورخان فقد أخذ عدة مدن عنوة في جملتها مدينة نيسا، التي عقد فيها مجلسان آنفا «وهي من بر الأناضول». أما استيلاؤه على هذه المدن، فإنه كان سنة 1333ب.م، وقد سلب ما في ضواحي الأستانة سنة 1337ب.م، وسن شرائع المملكة ورتب القوانين. أما السلطان مراد الأول فقد أتم تحصيل المملكة سنة 1362ب.م، وأحدث طريقة الانكشارية المعروفة بالوجاق «وسيأتي بيان وقت ولادتهم وجلوسهم على تخوت الملك، إلى غير ذلك في الجدول المدرج في هذا الكتاب.»
وأخيرا أخذتها الدولة العلية من يد الدولة الرومانية، وكان ذلك الفتح المبين في التاسع والعشرين من شهر أيار سنة 1453ب.م، الموافق للعشرين من جمادى الأول سنة 857، تحت راية السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح، ويكنى بالأكبر، ولد في مدينة أدرنة سنة 1430ب.م، وخلف أباه السلطان مراد الثاني، الذي توفي في مونيزيا سنة 1451ب.م، وقد حاصر أيضا السلطان محمد بلغراد، واستولى على قونتة، وضرب أداء الجزية على بلاد مورة، وفتح مدينة طرابزون سنة 1462ب.م، التي فيها كانت نهاية دولة الروم، وفتح غيرها من المدن، وأغار سنة 1470ب.م على جزيرة اغربوزة التي يقال لها في بعض الكتب العربية نقر بنت، واستولى على قاعدة مدنها، وبعد ذلك بعشر سنوات أرسل أسطولا من البوارج الكبيرة إلى جزيرة رودس، ففرقت من سطوته بلاد إيطاليا وبلاد أوروبا وآسيا، ولم ينقذها منه إلا موته؛ فإنه كان يضاهي إسكندر الكبير، وكانت وفاته سنة 1481ب.م، ومدة ملكه إحدى وثلاثين سنة، وعمره إحدى وخمسين سنة.
وهذا السلطان المشار إليه هو من خلفاء السلطان عثمان الغازي بن أرطغرل - أول سلطان في المملكة التركية - وإليه تنتهي سلاطين آل عثمان ودولتهم العثمانية المعظمة، الذي استولى على جانب عظيم من آسيا الصغرى سنة 1305ب.م، وجعلها تخت السلطنة، ولقد أفصح المؤرخون بقولهم إنه من حين بنى القسطنطينية الملك قسطنطين الأكبر إلى ذلك الوقت؛ أي حين فتحها الأخير كما ذكر، قد حصرت تسعا وعشرين مرة، وأخذت سبع مرات، وفي المرة الأخيرة أخذها حضرة السلطان المشار إليه وضمها إلى المملكة، وتقررت هذه المدينة حينئذ على وجه قطعي، وصارت قصبة المملكة، فالقسطنطينية لها وقع عظيم في التاريخ الكنايسي، وليست هي الآن من موضوع كلامنا. أما المراد بالانكشارية على ما مر من ذكر هذه اللفظة قبلا، فهو أن لفظ انكشارية تركي معناه العساكر الجديدة، وهو وجاق جعله السلطان مراد الأول سنة 1362ب.م، زهو السلطان الثالث في الدولة العثمانية، وقد أكمل ترتيب هذا الوجاق السلطان بايزيد الأول سنة 1389ب.م، فإنشاء هذا الوجاق أولا على الوجه الآتي: فإن السلطان مراد الأول أراد أن يحدث وجاق من العساكر لخدمة نفسه؛ ليكون حرسا له وخفرا، فأمر ضباطه بأن يأتوا إليه كل سنة بخمسة من الشبان الذين يؤخذون أسرى في الحرب توصلا تمام مراده؛ إذ إن ذلك آيل لمصلحة الدولة، فجرت العادة منذ ذاك الحين بأن تقدم له الأولاد الأسارى، فيربيهم ويدربهم على أصول دين الإسلام، حتى تعهدوا من صغرهم الطاعة والضبط والربط والتدرب على الطريقة العسكرية، وكان لهم جانب عظيم من الشجاعة، ثم جعل منهم طائفة سميت الانكشارية، سرت فيها الغيرة الدينية والحمية الإسلامية، فخصصها السلطان بأسنى علامات الشرف التي ينعم بها الملوك على من شملوهم بالتفاتهم الخاص، فكان هذا سببا في تقوية هذه الطائفة في أصول الجندية وإغرائها بحب الفخار والقتال؛ فعلا شأنها، وارتفع مقامها، وصارت في عاجل الحين أعظم العساكر العثمانية، وكان ذلك مدعاة لنجاحهم وانتصارهم، فاشتهروا بالبسالة والامتياز عن جميع الوجاقات التي كانت معدة لخفارة ذات السلطان، وعادوا يبذلون جهدهم في خدمة السلاطين، حتى صار السلاطين يراعون وجاقهم ويعاملونهم أحسن معاملة، وكان وجاق الفابوكلي - يعني خفر باب السلطان - هو المهاب في الدولة الذي يخشى بأسه السلطان ووزراؤه، وحينما عبأ السلطان مراد الأول المشار إليه فرقة من هؤلاء العساكر، بعثها إلى الحاج بكتاش - وكان من الأولياء، واشتهر بالمكرمات والإنباء بالغيب - وأرسل إليه راجيا منه أن يسمي هذا الجيش الجديد باسم خاص، وينشر عليه لواء، ويسأل الله تعالى نصرته في الغزوات، فلما مثلت تلك العساكر بين يديه، وضع كمه على رأس أحد رؤسائهم، وقال: فليدعوا بالانكشارية، وأخذ في الدعاء لهم، فقال: اللهم اجعل لهم الشوكة دائما أبدا، وكللهم بالظفر سرمدا، واجعل نصالهم قاطعة، وسنانهم على هامات أعدائهم لامعة، واجعلهم في كل جهة مسرورين، وردهم آمنين فرحين، فكان عددهم في الأصل ستة آلاف عسكري، وهذا العسكر مؤلف من عسكر بيادة، وكان ينظم في سلكه أشد الرجال، وأخيرا زاد عددهم فبلغ في أيام السلطان اثني عشر ألفا، وذلك سنة 521م، ثم أخذوا في الكثرة من ذلك الوقت، وكانوا يشتهرون بالبراعة العسكرية، وينتصرون في الحرب، حتى صاروا أقوياء، فتعاصوا على السلاطين، وكانوا قبل تعاصيهم مخوفين، يأتون أعمالا منكرة، ففعلوا في القسطنطينية أفعال العساكر البريطوريانية في مدينة رومية، فانحط وجاقهم عن درجته؛ لمساوئهم وفعائلهم المستهجنة، فتحصنوا في القسطنطينية في شهر حزيران سنة 1826 للميلاد.
وكان أول من أبطل وجاقهم السلطان محمد الثاني الملقب بالفاتح، بعد أن تأتى عليهم خطب عظيم، وذبحوا في القسطنطينية، حتى في نفس آت ميدان وما بقي منهم جد في آثارهم، فأدركوا في الولايات وباقي حدود المملكة، ثم إن أول من سن أحكام العسكرية في الدولة العثمانية المرحوم السلطان سليمان، الملقب بالسلطان الفاخر، ويعرف عند الترك بالقانوني ، وهو الذي رسم بجعل الخزائن على مثال منتظم؛ هذا ما قرره المؤرخون، وأن الدولة العثمانية العلية كان لها في زمن شرلكان ارتباط وعلاقة مع دول أوروبا، وأنها كانت تتداخل غالبا تداخلا جامعا بين السطوة والبأس. أما منشأ الأتراك فهو من تركمانيا، التي هي قسم من بلاد التتر في نواحي بحر الخزر، وهنا محل لأن نبسط الكلام في أصل الأتراك وأصل الدولة العثمانية الطاهر وفقا لأقوال المؤرخين؛ فقد قيل إن الأقاليم الجنوبية التي هي أخصب بلاد آسيا، لا بد أن يفتحها عدة مرات الأمم أهل القوة والشجاعة الذين كانوا يسكنون بلاد تتارستان الفسيحة، فمن هؤلاء الأمم طائفة تسمى بالترك، ويقال لها أيضا أمة التركمان، جاءت مع رؤسائها مرارا عديدة، وفتحت البلاد بالتتابع من سواحل بحر الخزر إلى بوغاز الدردانيل «وهو بوغاز إسلامبول»، وفي أثناء القرن الخامس عشر فتح هؤلاء الشجعان ذوو السطوة والحماسة مدينة القسطنطينية، وتغلبوا على الروم، وهم اليونان، وعلى الأفلاق والبغدان وغيرهما من بلاد الروملي، وعلى مقدونيا، وعلى قسم من بلاد المجر، وبلاد البارستان إنما هي بلاد التتر، وكانت في القرن الثاني عشر أرحب الممالك وأعظمها شوكة؛ وذلك لأن الإمبراطور جنكيزخان جمع قبائل التتر وجعلها عصبة واحدة، فقويت بذلك شوكته، وتغلب على بلاد الصين وبلاد العجم وجميع بلاد آسيا من بحر الأسود إلى بحر الهند، ثم تغلب خلفه على بلاد الموسقو وبلاد بولونيا وجزء من بلاد ألمانيا، ولو لم يدرك الفشل هذه القبايل، لاستدركت على بلاد أوروبا قاطبة، ومن رواية بعض المؤرخين أن التركمان في الأصل تتر، جاءوا من بلاد التتر وشمالي بحر الخزر، وقال آخرون: إن التتر اسم لعدة قبايل مختلفة، كل قبيلة منها تسمى باسم يخصها دون غيرها، إلا أنها متفقة بالأخلاق وبالعادات، ولهم مهارة في ركوب الخيل، ولما انقرضت الدولة الرومانية غادروا صحاريهم، وانتشروا كالجراد في الأقطار؛ فمنهم من تغلب على بلاد أوروبا، وهم الهونيون، ومنهم من استولى على بلاد العجم ثم على معظم أناطولي، وبعد ذلك تغلب على مدينة القسطنطينية التركمان كما ذكر.
أما التتر منهم فهم قوم رحل، وقيل إنهم نزلوا في خراسان، وتزوجوا من نساء تلك البلاد، فأنتج من ذلك جنس يسمى عند الفرس تركمان؛ أي شبيه بالأتراك، مع أن الحجري قال في تفسيره (عدد 2 ص10 من سفر التكوين): إن من توغرما بن يافث بن نوح قد تناسل الأتراك الذين يسمون تركمانا أيضا، ولذلك يسمي اليهود الآن ملك الأتراك توغار، ومما جاء أيضا بالتاريخ عن التتر وأصلهم أنهم من مدينة شيتوبولي، مدينة في فلسطين، وقد سماها القوم الشيتيون باسمهم لما هاجموا فلسطين في عهد يوسيا بن آموص ملك يهوذا، والشيتيون: هم من التتر الذين سموا هكذا من بقعة نهر تتر على الأصح وسكانها، سموا سومنغلي؛ أي المغل المائيين، وكان اسم المغول علما عاما يتناول كل قبيلة كانت مؤلفة من طوائف شتى، كقول آتون براس 16 في التتر، واليونان قد دعوا جميع القبائل التي كانت تسكن فوق جبل قوقاف داخل جبل إيما وخارجا عنه، حتى إلى الأوقيانوس الشمالي شيتيين بلا فارق، وتقسم شيتيا إلى ما داخل جبل إيما وإلى ما خارج عنه، وقد قام ملوك من هذه القبائل تولوا لا على هذين القسمين فقط؛ بل على الصين والهند والفرس وماديه وبين النهرين وسورية وأرمينيا والبنطوس والأناضول، وغيرها من الأماكن في آسيا وأوروبا أيضا، وكان التتر قديما مذعنين لسلطة ملوك قطا؛ أي الصين الشمالية، التي يحدها غربا تركستان، وجنوبا الصين، وشرقا أرض وبحر أيسون المعروف بدي ياسو، وشمالا بلاد التتر الحقيقية، وهي قسم من ساريكا القديمة؛ أعني ما وراء الجبال الإيمودية، حيث تبتدئ تلك الأسوار الشهيرة، التي تفصل بين التتر وأهل الصين، وهم من نسل ماجوج بن يافث بن نوح، وأول من أسس مملكتهم في بلاد التتر الشرقية جنكيزخان سنة 1203م، وكان يسمى تيمورشين؛ ومعناه في لغتهم حداد، ولم يكن عندهم قبلا أحرف للكتابة، فأخذوها عن الإيغوريين بأمر ملكهم جنكيزخان - المشار إليه - كقول ابن العبري في تاريخه السرياني وغيره من المؤرخين، والإيغوريون: طائفة من المغول، سموا كذلك من بلدهم يوغرا في شيتيا الشمالية التي انجلوا عنها، وحلوا في أصقاع عديدة منها أونغارية، أي المجر التي أخذت الاسم عنهم. وأما جنكيزخان، فمات سنة 1238ب.م، وخلفه في الملك أوختاي الذي يسمونه قاآن، ومات سنة 1246ب.م، وخلفه ابنه كويوك، وكان مسيحيا، ومات سنة 1251ب.م، وخلفه منغوخان بن توت بن جنكيز، وتنصر، ومات سنة 1260ب.م، وخلفه قوبلاي، وتوفي سنة 1302ب.م، فهؤلاء الذين تملكوا على بلاد التتر الشرقية.
وأما في بلاد التتر الغربية فولي هولاكو أخو منغو وقوبلاي المذكوران، وكان هذا مسيحيا، واستتب له الملك فيها وفي العجم وبين النهرين وسورية سنة 1256ب.م، ثم في بغداد سنة 1258ب.م، ومات سنة 1295ب.م، وعقبه ابنه أبغا، الذي توفي سنة 1282ب.م، في مدينة همذان الكائنة في بلاد الجبل المسمى بالعراق العجمي أيضا، وخلفه أخوه تاخودار، الذي مات سنة 1284ب.م قتيلا من أرغون بن أبغا أخيه، وأول من دخل في دين الإسلام من التتر تاخودار، فسمي أحمد، وخلفه أرغون ابن أخيه أبغا، ومات سنة 1291ب.م، وقام عوضه أخوه كيغان، وتوفي سنة 1295ب.م، وخلفه باياد بن ترغات بن هولاكو، وقتل سنة 1295ب.م، وخلفه قازان بن أرغون، ومات من السم بقرب همذان سنة 1303ب.م، وتملك بعده أخوه خربندا، ومنهم من يسميه خدابنده؛ أي عبد الله بالفارسية، وكان مسيحيا، اسمه نيقولاوس، ثم أسلم وسمي محمدا وغياث الدين، ومات سنة 1317ب.م، وملك بعده ابنه أبو سعيد، فأظهر السنة، ومات سنة 1335ب.م، وخلفه ابنه حسن سنة 1336، ومات سنة 1356ب.م، وهو الذي أسس دولة التتر، التي يسميها العرب القانية، وبقيت بعده إلى سنة 1410ب.م، وكان من أملاكها العراق وماديا، ومركزها مدينة بغداد ؛ لأن بعد موت أبي سعيد قد انقسمت بلاد التتر الغربية إلى دول عديدة، فأويس بن حسن تولى مملكة بغداد وأزربجان، من سنة 1356 إلى سنة 1374ب.م، وخلفه ابنه حسين، واستمر إلى سنة 1381، وتخلف أحمد لحسين أخيه، وسنة 1392ب.م طرده من ملكه تيمورخان، المسمى تمرلنك؛ أي تيمور الأعرج، وهو ملك التتر - أي المغول - الذي اشتهرت وقائعه سنة 1400ب.م في العجم والفرس والديلم والعراقين وطبرستان وأرمينيا والموصل والجزيرة وبر الشام، وغيرها في عهد الملك الناصر زين الدين فرج بن برقوق على الديار المصرية، وكان نائبه سودون في دمشق، فهرب أحمد إلى مصر وأقام فيها إلى سنة 1404ب.م، وفيها توفي تمرلنك، وقال بعضهم سنة 1405، فعاد أحمد إلى ملكه بغداد، وبقي فيه إلى سنة 1410ب.م، وفيها قتله، وأولاده القرا يوسف ملك التركمان، وابتدأت منذ ذاك دولة التركمان بين النهرين والعراق وماديا والعجم، وتقسم إلى دولتين، إحداهما تسمى دولة السود من راية كانت لهم، وعليها تمثال آيل أسود، وكان أول هذه الدولة القرا يوسف المذكور ابن محمد سنة 1410ب.م، واستمرت إلى سنة 1468ب.م، وفيها قتل حسن بك المسمى الأزن قازان؛ أي حسن الطويل حسن علي بن إسكندر بن يوسف المار ذكره، والأخرى كانت تسمى دولة البيض من صورة آيل أبيض مرسومة على رايتها، وقد ابتدأت بحسن الطويل المذكور سنة 1469ب.م.
وبقيت إلى سنة 1514ب.م، وفيها قتل مراد بك، أحد ملوكها من صوفي إسماعيل، مجدد مملكة العجم الذي تولى خلفاؤه مملكة التركمان من سنة 1523ب.م إلى سنة 1638ب.م، التي فيها أخذ مراد الرابع سلطان الأتراك مملكتهم وضمها إلى المملكة التركية، التي هي أقدم من دولة التركمان المذكورة؛ لأن أولها السلطان عثمان بن أرطغرل، تملك سنة 1298ب.م، كما قلنا آنفا، وإليه تعزى سلاطين آل عثمان ودولتهم العثمانية المعظمة، ويكنى بالغازي، وتوفي سنة 1326ب.م؛ فخلفه ابنه أورخان، ونقل كرسيه إلى مدينة برسا، ومات سنة 1357ب.م، وخلفه ابنه مراد الأول، ومات سنة 1390ب.م، وخلفه ابنه بيازيد الأول، ومات سنة 1403، وخلفه ابنه عيسى، وبعد سنة من ملكه تغلب على أخيه سليمان الأول بن بيازيد سنة 1404ب.م، وقتل سنة 1412ب.م، وخلفه أخوه موسى، فتغلب عليه أخوه محمد الأول، وقتله سنة 1415ب.م، ونقل كرسيه إلى مدينة أدرنه، وهي أدريانو بولي التي هي طراسة، ومات سنة 1422ب.م، وخلفه ابنه مراد الثاني، ومات سنة 1451ب.م، وخلفه ابنه محمد الثاني، وأخذ القسطنطينية من الملك قسطنطين البالبولوغوس سنة 1453ب.م، ودرابزون سنة 1462ب.م، التي فيها كان انقراض دولة الروم - كما ذكر - ومات سنة 1481ب.م، وعقبه ابنه بايزيد الثاني، الذي حدث بمدته زلزلة في القسطنطينية سنة 1509ب.م، في 14 أيلول لم يحدث مثلها من قديم الزمان، دكت ألفا وسبعين بيتا ومائة وتسعة جوامع وجانب عظيم من السرايا الملوكية وأسوار المدينة وعطلت مجاري المياه وغشي البحر البر، وكانت أمواجه تدفق إلى فوق الأسوار، وبقيت هذه الزلزلة تتكرر مدة خمسة وأربعين يوما، وأقام السلطان بايزيد المشار إليه أياما في خيمة ضربت له داخل الجنينة، ثم توجه لأدرنه، وبعد أن انقطعت الزلازل، جمع خمسة عشر ألفا من المعلمين والفعلة؛ لإعادة ما هدم وإصلاحه.
وفي سنة 1611ب.م مات من الوبا مئتا ألف نفس، ثم اعتزل الملك ومات سنة 1512ب.م، فقام ابنه سليم الأول مكانه، ومات سنة 1520ب.م، وخلفه ابنه سليمان الثاني، وتوفي سنة 1566ب.م، وخلفه ابنه سليم الثاني، ومات سنة 1574ب.م، وخلفه ابنه مراد الثالث، وتوفي سنة 1595ب.م، وخلفه ابنه محمد الثالث، ومات سنة 1603ب.م، وخلفه ابنه أحمد الأول، ومات سنة 1617ب.م، وخلفه أخوه مصطفى الأول، وبعد مضي شهرين من ملكه خلع ومنع من الحرية المطلقة، وأقيم مكانه عثمان ابن أخيه، ثم خلع من الملك وأرجع إليه مصطفى، فقتل عثمان ابن أخيه سنة 1622ب.م، ثم خلع مصطفى من الحكم وحجر عليه ثانيا، وتنصب مكانه مراد الرابع أخو عثمان بن أحمد الثاني، ومات سنة 1640ب.م، وخلفه أخوه إبراهيم، وقتل سنة 1649ب .م، وخلفه ابنه محمد الرابع، وسنة 1687ب.م نزع من الملك، وحجز عليه، ومات سنة 1693، بعد أن كان تنصب مكانه أخوه سليمان الثالث سنة 1687ب.م، ومات سليمان الثالث سنة 1691ب.م، وخلفه أخوه أحمد الثاني، ومات سنة 1695ب.م، وخلفه مصطفى الثاني ابن محمد الرابع، وخلع من الملك سنة 1703ب.م، وفيها حجز عليه، ومات، وخلفه أخوه أحمد الثالث سنة 1703ب.م، وخلع وجعل مكانه محمود الأول ابن مصطفى الثاني سنة 1731ب.م، ومات سنة 1754ب.م، وخلفه عثمان الثالث أخوه، ومات سنة 1757، وفيها عقبه مصطفى الثالث ابن أحمد الثالث، ومات سنة 1774ب.م، وخلفه عبد الحميد أخوه، ومات سنة 1788، وخلفه سليم الثالث ابن مصطفى الثالث، فقلبه الانكجارية عن كرسي الملك، وأجلسوا مكانه مصطفى الرابع ابن عبد الحميد سنة 1807ب.م، ثم خلع، وتنصب عوضه محمود أخوه سنة 1808ب.م، ومات سنة 1838ب.م، وخلفه ابنه عبد المجيد خان، ثم توفي السلطان عبد المجيد سنة 1861ب.م، وخلفه بعد أيام قليلة أخوه السلطان عبد العزيز خان، وتوفي سنة 1876، وخلفه السلطان مراد الخامس، وخلع بعد ثلاثة أشهر وثلاثة أيام، وخلفه حضرة السلطان المعظم والخاقان الأعظم أمير المؤمنين وخليفة المسلمين سيدنا ومولانا السلطان ابن السلطان عبد الحميد خان الثاني، ولد سنة 1842، وجلس سنة 1876، وهو المستوي الآن على عرش الملك، أيد الله سرير سلطنته بالعز والإقبال ما تلت الأيام الليالي، ولقد قرر التاريخ معنى الأتراك والعثمانيين كما سيأتي موضحا بالتفصيل، فقال: إن الأتراك هم عائلة عظيمة من أجناس تدعى هند وجارماني، قد استوطنت زمانا طويلا في تركستان المستقلة، وفي الأماكن الواقعة على شمالي بلاد الصين، واختلطت بجنس يدعى عند العامة تترا.
والتتر: هم شعب أصله من بلاد تركستان المستقلة، والظاهر أنهم اختلطوا مع الأتراك، وكذا يطلق لفظ التتر على أولئك الذين استوطنوا وسط بلاد آسيا، وكان ظهور التتر سنة 1218ب.م، ونكلهم في المسلمين، وتملكوا أكثر بلدانهم من العراق وما يليه إلى خراسان وبعض فارس، ومنذ القديم لم يكن التتر - كما ذكرنا آنفا - قبيلة واحدة؛ بل عدة قبائل، قسمها آيتون في تاريخ التتر كتاب 16 إلى سبع، لما تملك وانتصر عليهم جنكيزخان ملك المغول في الجيل الثامن عشر، وأدخلهم في عسكره، وقد يطلق اسم تتر على المغول أنفسهم، ثم إن للملك جنكيزخان - المار ذكره - غزوات شتى، لا حاجة إلى ذكرها هنا، ومعنى جنكيزخان: أي السلطان القادر، ولد سنة 1164ب.م، ومات سنة 1227ب.م، ثم في سنة 1299ب.م أمكن للتتر أن يستولوا على دمشق وغزة والقدس وبلاد الكرك وسائر الديار الشامية، وكان ملكهم حينئذ قازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو المسيحي صاحب المغول - كما ذكرنا قبلا - ثم ترحلوا عنها إلى بلدانهم. ولنرجع الآن إلى ما نحن بصدده، فنقول بعد اختلاط العائلة التركية بالتتر، كما مر، ذهبت في الجيل العاشر، وسكنت بلاد الفرس وآسيا الصغرى التي يدعونها بر الأناضول، ولقد لحق بهذه العائلة قبائل متحدة، وكانت تختلط غالبا مع هذه القبائل التي كانت خاضعة لسطوتها. أما الأتراك فإنهم كانوا يجعلون في البلدان المغلوبة المضروبة عليها الذلة والاستكانة ولايات أو دولا عديدة، أشهرها دولة تدعى دولة الغزنوية، وهي دولة إسلامية تولت سنة 214ب.م على قسم عظيم من بلاد العجم وهندستان، ودولة الغزنوية المذكورة منسوبة لمدينة غزنا، قاعدة مملكة هذه الدولة «كذا في الأصل»، ويمكن القول إن مدينة غزنا داخلة في بلاد الفابول؛ أي الأفغانستان، وآخر ملوك هذه الدولة الذين لا محل لتعدادهم هنا هما خوسروشاه وخوسرو ملك. أما خوسرو ملك فانغلب ومات سنة 1189ب.م، وهو خاتمة هذه الدولة، وفي جملة من اشتهر في هذه الدول على ما مر دولة تدعى السلجوقيين، ودولة تدعى العثمانيين. أما السلجوقيون فهم دولة شرقية مشهورة، وأول من ملك عليها السلطان طوغرول بك، وهو أصغر أولاد السلجوق الذي قدم من فيافي آسيا الواسعة من بلاد تركستان، وذلك في بدء الجيل الحادي عشر، وهو الذي أسس دولة السلجوقيين، وكانت له الرئاسة على هذه الدولة، والمراد بقولنا أصغر أولاد السلجوق الذي أتى من سهول تركستان، أن السلجوق أتى من تلك الصحاري، وهو أصغر أولاده؛ أي حفيده، فالسلجوق حينما أتى من هناك في أول الجيل الحادي عشر استولى على مدينة نيخابور مدينة في إيران يسمونها خراسان، وكان رئيس عشيرة وقبيلة من التركمان، وذلك في سنة 1037ب.م، وفتح المملكة الغزنوية ومدينة بلخ من تركستان المستقلة ومدينة خوارزمي من تركستان الغربية ومدينة طابرستان، وهي أيالة في بلاد إيران. ثم تولى شعوب البويد من أصفهان العجم، والبويد هي دولة إسلامية، استولت على العجم والعراق في الجيل العاشر والحادي عشر، ثم تأتى له أن يكون سلطانا على بغداد وأمير الأمراء ومصاهرا للخليفة، ثم توفي طوغرول بك سنة 1063ب.م، وكان له من العمر سبعين سنة، وخلفه سنة 1064ب.م ابن أخيه السلطان المدعو قلب أرسلان؛ أي قلب الأسد الشجاع، الذي أخضع لحكومته بلاد كرجستان وبلاد أرمينيا وجزءا من آسيا الصغرى وكل مملكة العجم، ثم خلفه ابنه ملك شاه المدعو جلال الدين، الذي رتب بما سنه من الشرائع أكثر أقطار سورية وبعض أماكن في وسط آسيا، وذلك من سنة 1072 إلى سنة 1092ب.م، ولكن في سنة 1074ب.م أنشأ ابن عمه السلطان سليمان بن قوطولميش دولة أو مملكة ثانية للسلجوقيين في مدينة قونية، وهذه المملكة هي التي صارت بلاد نيسا قاعدة لها مشتملة على آسيا الصغرى وسيليشيا وأرمينيا المسماة بلاد الروم، وعلى حلب والشام وأنطاكية والموصل.
ثم بعد وفاة الملك شاه المشار إليه ترتب للسلجوقيين ولايات أو مقاطعات، لكن دولتها أو سلطنتها هي أصغر وأحقر جدا من المملكتين المار ذكرهما. أما انقراض سلاجقة الفرس فإنه كان في سنة 1194، وآخرهم كان طوغرول الثاني، الذي هو آخر أمير من أمراء سلاجقة العجم، وهو الذي هزمه بعد ذلك سلاطين الخوارزمي، وفي رواية التاريخ أيضا مزيد إيضاح عن ميخائيل بن السلجوق بأنه قد أتى بعشيرته من التتر إلى بلاد فارس وخراسان التي تأويلها بلغتهم بلاد الشمس، وأن طوغرول بك المذكور آنفا هو أول أمرائهم، تسمى سلطانا على بغداد سنة 1506ب.م، وتملكها خلفاؤه، وامتد ملكهم من حدود الصين شرقا إلى أناضولي غربا، واتصل إلى سورية ومصر أيضا، وفيها انقرضت الدولة الغزنوية، ثم انقسم ملكهم إلى مملكة إيران وقرامان، التي هي الآن قسم من مملكة إيران بين فارس غربا، وبلوخستان وأفغانستان شرقا، وسورية وقونية في آسيا الصغرى، وهي أعظمها.
ناپیژندل شوی مخ