وأما الشهادة على خط الشهود، وهي التي يكثر في الغالب الاضطرار إليها. فحاصل المذهب فيها يرجع إلى قولين: أحدهما الجواز، وهو الذي رواه مطرف عن مالك في الواضحة أن الشهادة جائزة على خط الميت والغائب إذا لم يستذكر الشاهد شيئا. حكاه ابن وهب أيضا عنه. وقاله أصبغ. وهو قول ابن القاسم. واختلف في حد المغيب الذي تجوز فيه الشهادة على خط الغائب؛ فقال ابن الماجشون في ديوانه ما تقصر فيه الصلاة؛ ونحوه عنه في المجموعة. وقال ابن سحنون عن أبيه: الغيبة البعيدة من غير تحديد. وقال ابن مزين في كتبه الخمسة عن أصبغ: مثل إفريقية ومصر أو مكة من العراق. والقول الثاني أن شهادة الشهود على خط الشاهد بما علمت من حكم به وهما لو سمعا الشاهد ينص شهادته، لم يجز أن ينقلاها حتى يقول لهما: اشهدا بذلك {قال: والذي آخذ به ألا تجوز الشهادة على الخط إلا خط من كتب شهادته على نفسه؛ فهو كالإقرار. وقاله ابن القاسم أيضا، رواه عن مالك. وقال محمد بن حكم: لا أرى أن يقضى في دهرنا بالشهادة على الخط، لما أحدث الناس من الفجور والضرب على الخطوط. وقد كان فيما مضى يجوزون الشهادة على طابع القاضي؛ ورأى مالك ألا يجوز. وقال ابن الماجشون في غير الواضحة: الشهادة على الخط باطل. وما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنهما} وهو خير هذه الأمة بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم {وبعد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما} إلا على الخط وما هي به منه وكتب عليه. قال: فلا أرى أن يشهد على الخط ولا أن يشهد الرجل إلا بما يعرف على من يعرف ويعلمه فيمن يعلم. أما سمعت الله تعالى يقول: " وما شهدنا إلا بما علمنا " وقال: " ألا من شهد بالحق وهم يعلمون. " وقال مطرف مثله. وقال الطحاوي: خالف مالك جميع العلماء في الشهادة على معرفة الخط، وعدوا قوله شذوذا؛ إذا الخط قد يشبه الخط، وليست شهادة على قول منه ولا معاينة فعل. وقال محمد بن حارث: الشهادة على الخط خطأ. ولقد قلت لبعض الفقهاء: أتجوز شهادة الموتى؟ فقال: ما هذا الذي تقوله؟ قلت: إنكم تجيزون الشهادة الرجل بعد موته، إذا وجدتهم خطه في وثيقة. فسكت. ومن الكتاب المقنع: كان محمد بن عمر
مخ ۲۰۴