من الفقهاء كابن الشيخ المذكور، وابن دحمان، وابن ربيع، وابن لب، وأمثالهم. وتثبت في الحكم، وتحفظ في شهود زمانه، وتعفف عن قبول تحف أقاربه، فضلا عن أجانبه. وكان قد انتهى هو وقومه، برية، من سعة الحال، وكثرة المال، وتعدد الرجال، إلى ما يشابه حالة آل حماد بن زيد بالعراق، الذين منهم القاضي إسماعيل بن إسحاق؛ وكانوا قد بلغوا من تنوع الرباع، وكثرة الضياع والآلة والماشية والحرث، إلى محل لا غاية لعهده من الثروة بالنسبة لأمثالهم من أهل زمانهم، حسبما نقلته الثقة عنهم. ولما استقل ابن الحسن برياسة بلدته، رشقته سهام حسدته، وسلقته ألسنة تعديه، ونسب إليه عداته ما كان بريئا منه، من القيام على ابن هود؛ فاعتقل بغرناطة، على ما تقدم، واستخلصت ملاكه، وسيرت للجانب السلطاني؛ وعاثت أيدي الولاة في سائر ماله، وشملت النكبة جملة ناسه. وأخر أخوه عما كان يتولاه من القضاء بالجزيرة الخضراء، وابن عمه عن الجهة الغربية؛ فاستقرا معا بمدينة سبتة. وتعدت العلة إلى الفقية ابن عسكر كاتبه؛ فأنزلته عن محله من الشورى والنيابة؛ وبقى رسم الأحكام الشرعية معطلا جملة. وخلا لعبد الله بن زنون، أحد البغاة، عن محمد بن الحسن، الجو منه ومن قومه. قال ابن خميس في كتابه : وبقي ابن زنون يشتغل بالطائفة الأخرى التي كانت معه على ابن الحسن، إلى أن أفناهم واحدا بعد واحد، بين النفي والقتل والسجن الطويل؛ وبقى البلد في حكمه؛ فلم يكن ينفذ أمر من الأمور إلا بمشورته. وتمادى أمره إلى أن هلك ابن هود؛ فضبط هو البلد، ورام المقام به؛ فلما خالفت البلاد ورجعت للأمير أبي عبد الله بن نصر، فر ابن زنون؛ فدرك في الطريق، وانتهبت دياره وديار قرابته، ورد إلى مالقة، ليخرج منها مالا أتهم أنه كان عنده؛ وما زال يتعاقب عليه بالضرب، حتى مات. وقيل إنه تناول موسى كانت لديه؛ فذبح بها نفسه. نسأل الله العافية {قال المؤلف أبقى الله بركته} ورب قائل يقول، إذا وقف على ما تضمنه هذا المجموع، من ذكر بني الحسن المالقيين، ونبذ أخبارهم: ما لهذا المصنف أطاق في ميدان القوم عنانه، وأدر من سماء فكره عنانه، وأدمج طي كلامه مدح
مخ ۱۱۴