لبني يام الذين كانوا في الماضي خارجين على كل سلطة مشروعة، فما دانوا لأحد غير شيوخهم، ولكنهم منذ ثلاث سنوات دخلوا في الرعوية السعودية فصاروا يدفعون الزكاة طائعين. إن أكبر قرى نجران مخلاف وحبونة، وعند نجران تنتهي الحدود الجنوبية الغربية لسلطنة نجد. نعود إذن شمالا بشرق إلى الأفلاج ومنها إلى:
الخرج
تلك الناحية الخصبة التربة، الغزيرة المياه، التي تزرع في أرضها الحبوب، وفي بساتينها الثمار على أنواعها، من مشمش ودراق وتين وعنب، وتربى فيها أحسن الجمال. أما قاعدة الخرج فهي الدلم على ثلاث مراحل من الرياض، وأهم بلدانها زميقة، ونعجان، واليمامة، والسلمية في طرفها الشمالي.
ثم وادي الفرع إلى الجنوب، وفيه بلدان، أو «بلادين» كما يقول أهل نجد، وسط جبل اليمامة، أكبرها الحوطة التي تبعد عن الدلم جنوبا ثمانية وأربعين ميلا. وفي أعلى الوادي الحريق على مسافة أربعة وعشرين ميلا من الحوطة. أما أهل هذين البلدين فمن بني تميم الأشداء، ومن غلاة الحنبلية المحافظين على تقاليدهم وعزلتهم الغيورين على استقلالهم.
عندما دانت بلاد نجد لابن الرشيد ظل أهل الحوطة، التي تدعى حوطة بني تميم، خارجين عليه متمردين. وعندما عاد ابن سعود ونازعه السيادة ابن عمه سعود العرافة نصر أهل الحوطة والحريق سعودا على الشاب عبد العزيز. وكان ما هو مدون في هذا التاريخ من انتصار عبد العزيز، ولكنه ضمن لأهل هذه الناحية - أي الفرع - استقلالهم النوعي على شريطة أن يعترفوا بسيادته، فيدفعون الزكاة ويلبون الدعوة للجهاد. ومن البلدان الأخرى في الخرج نعام، ومفيقر، والحلوة التي يغلب في سكانها عرب عنزى.
ثم حائر في طرف وادي حنيفة الجنوبي، على مسافة خمسة وعشرين ميلا من الرياض، وهي تدعى حائر سبيع؛ لأن سكانها من عرب هذه القبيلة النازحين من الغرب، وفيها أيضا السهول حلفاء سبيع.
ومن حائر شمالا بعد بضع ساعات من السير، نصل إلى البلدة التي كانت قديما تشاطر اليمامة الشهرة والمجد، هي المنفوحة بلدة الشاعر زهير بن أبي سلمى القريبة جدا من الرياض، والتي أمست اليوم منفوحتين؛ الواحدة القديمة ولا تزال خرائبها بادية للعيان، والثانية الجديدة على رمية سهم منها.
إن السبب في بوار أودية مثل وادي الرمة (الغرب يلفظونها مخففة)، وخراب مدن مثل اليمامة والمنفوحة، هو إما انقطاع المطر أعواما متوالية فتجف العيون والآبار فينزح أهلها، وإما تتهاطل الأمطار التي ترسل السيول في البلاد فتغمر ما يكون في طريقها من العمران وتتركه خرابا يبابا. إن من هذه الأخربة ما نشاهده في الخرج، وفي وادي حنيفة، وفي الباطن من وادي الرمة.
العارض
قلت إن العارض هو اسم الناحية والعاصمة معا، فيه واحة جميلة تمتد من سفح جبل طويق شرقا إلى المنفوحة، وفيه العيون العذبة، والقلبان - الآبار - المتعددة، والبساتين التي يزدهي فيها النخيل، وتتماوج في ظلالها اخضرار الجت والبقول.
ناپیژندل شوی مخ