3
يقول إنك عاهدته على الإسلام والمتابعة، لا مجرد الدعوى والانتساب، كففنا عن قصرك بعدما خرب، وأمرنا برد جيش ابن سعود، على أمل أن ندرك منك المقصود. فلما علمنا أنك خدعتنا آمنا بالله وتوكلنا عليه. يروى عن عمر أنه قال: «من خدعنا بالله انخدعنا له.» فنحن - بيض وجوهنا - نرجو الله أن يهديك وألا يسلطنا عليك، إياه نعبد وإياه نستعين.
مسكين سالم. لم يعش بعد ذلك طويلا، فبينما كان الشيخ أحمد الجابر ابن أخيه والشيخ كاسب ابن الشيخ خزعل يومئذ أمير المحمرة في «حفر العج» يفاوضان ابن سعود بالصلح - أي بعد بضعة أشهر من الحين الذي نكب سالم فيه و«دين»، واحتمى بالإنكليز - جاء الناعي من الكويت ينعيه رحمه الله. وبعد وفاته في 17 جمادى الثانية 1339 /27 فبراير سنة 1921، انتخب خلفا له الشيخ أحمد ابن أخيه جابر
4
انتخب وهو لا يزال في الحفر، فكان في غنى عن وفد يصالحه وابن سعود.
الفصل الحادي والثلاثون
فتح حائل
في صيف هذا العام (1339ه / 1921م) بعد أن عقد مؤتمر القاهرة البريطاني، برئاسة وزير الخارجية يومئذ المستر تشرشل الذي كان سائحا في الشرق الأدنى، وتقرر أن يكون الأمير فيصل ابن الملك حسين ملكا على العراق، عقد مؤتمر في الرياض حضره العلماء والرؤساء فقرروا أن يتخذ حاكم نجد الأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ومن يخلفه بعده لقب سلطان، فكتب عبد العزيز كتابا إلى المفوض السامي لدولة بريطانية العظمى في العراق يخبره بما تقرر، ويرجو أن يكون ذلك مستحسنا لدى الحكومة البريطانية البهية، وبينما هذا الكتاب في الطريق كان قادما من حضرة المندوب في بغداد كتاب إلى ابن سعود يخبره فيه أن قد تقرر انتخاب الأمير فيصل ملكا على العراق ويرجو أن يكون ذلك مستحسنا لديه. فأجاب عبد العزيز أنه يكون مسرورا بما يريده العراق والدولة البريطانية للأمير فيصل بشرط ألا يكون ذلك مجحفا بحقوق نجد أو مضرا بمصالحه، ثم اعترفت الحكومة البريطانية في 22 أغسطس (27 ذي الحجة) لابن سعود ولمن يخلفه من ذريته بلقب سلطان.
وفي هذا الشهر عاد سعود بن عبد العزيز من حصار حائل ومعه أميرها الشاب عبد الله بن متعب آل رشيد، فبسمت الرياض لطلائع النصر في الحرب، ولبشائر الفوز في السياسة، ولكن الاعتراف بملك أو بسلطان هو أسهل من تحطيم التيجان. وتقارض الولاء السياسي أسلس سبيلا من حصار المدن. فلا يتبادر للذهن إذن أن في رجوع سعود ومعه أمير حائل الفوز المبين. إن فيه طلائع الفوز فقط، أما الأمنية القصوى فدونها شهران من القتال لا يزدريهما التاريخ.
لنعد إذن إلى الحوادث التي تقدمت الحصار. بعد المصالحة وابن الصباح استنفر ابن سعود أهل نجد ومشى إلى الجبل بعشرة آلاف مقاتل يقود قسما منهم أخوه محمد، والقسم الآخر ابنه سعود، وقد عهد إلى الأول في محاصرة حائل وإلى الثاني في مهاجمة شمر، أما هو فتخلف في القصيم.
ناپیژندل شوی مخ