د عربي نحو تاریخ

علي الشدوي d. 1450 AH
45

د عربي نحو تاریخ

تاريخ النحو العربي: منظورا إليه من جهة تطور مفهومه: تأملات استكشافية

ژانرونه

50

إنما بإزاء «جهات - أو موجهات - مركبة من جهات عقلية منطقية تخص المعنى وجهات لغوية تخص تركيب الكلام».

51

ما أغفله الجابري هو أن قضية اللفظ والمعنى تتعلق بتفسير نصوص مؤسسة للمجتمع الإسلامي. ومن هذه الزاوية لا تمثل علاقة اللفظ بالمعنى قضية طارئة من خارج الثقافة العربية الإسلامية. بل إنني أذهب إلى أن قضية اللفظ والمعنى قضية أساسية داخل الثقافة العربية الإسلامية؛ لكنها حتما لم تأخذ التوجه النحوي الذي توصل إليه الجابري حين قابل بين مشتقات النحاة وبين مقولات أرسطو.

52

يختصر سيبويه في بابين من كتابه علاقة اللفظ بالمعاني، وما يكون في اللفظ من الأعراض. وقد أتاح هذان البابان تقدما يسيرا على مستوى المعرفة النحوية في عصره، من حيث إنه أعطى بهما الفرصة للنحو ليشتغل في مجال لم يكن الآخرون قادرين على وطئه، وفتح بهما ميادين البحث النحوي التي ستظهر ناضجة فيما بعد عند نحويين هما ابن جني وعبد القاهر الجرجاني؛ ففكرة أن العرب يحذفون ويعوضون، ويستغنون بالشيء عن الشيء، التي أشار إليها سيبويه فرضت انتظام التحليل النحوي فيما بعد، وهي بمعنى ما مبادئ استخدمت في شرح ما ينطق به المتكلم.

لا أعني بالمبادئ سلسلة مرتبطة من المفاهيم العلمية التي تصف ظاهرة أو حدثا كما عرفها العلم الحديث؛ إنما أعني ظهور مفاهيم جديدة للمساءلة في النحو والصرف كالحذف والتعويض والاستغناء.

53

وهي مفاهيم تعبر بوضوح عن إشكاليات فعلية في اللغة، ك «لماذا قالوا يدع ولم يقولوا ودع؟ لماذا قالوا زنادقة ولم يقولوا زناديق؟» هناك أسئلة أخرى سعى سيبويه إلى الإجابة عنها. ولكي يجيب عنها فكر على مستويين: مستوى ما يسمع، ومستوى ما لم ينطق. وقد أتاح له هذا شكلا من التعقل أخذ شكلا كافيا من الوضوح مما أدى إلى نتائج جديدة في البحث النحوي.

لم يكن سيبويه ليستطيع أن يتابع مشروعه؛ أعني إنشاء تفكير نحوي جديد إلا بعد أن يفطن إلى العلاقة بين اللفظ والمعنى. والفصل الذي افترضه الجابري لم يكن مفكرا فيه آنذاك. وما فعله سيبويه هو تطوير فكرة التقصي عن العرب. وهو يبدأ البابين ب «اعلم أن من كلامهم» و«اعلم أنهم مما (ربما) يحذفون» وهو مما أدى إلى أفضل النتائج؛ أعني التقصي الذي رسم إلى حد ما الحدود للألفاظ والمعاني؛ فاللفظان قد يختلفان لاختلاف المعنى، وقد يختلفان والمعنى واحد، وقد يتفقان ويختلفان في المعنى وإن كان الواقع اللغوي قد يستعصي على هذا التحديد الدقيق.

ناپیژندل شوی مخ