============================================================
الله يريد مصر ليكون عند أحمد بن طولون مباينا لأخيه الموفق وذلك بعد مكاتبات جرت بين المعتمد (172) على الله وبين أحمد بن طولون في ذلك فلما بلغ الموفق ذلك وهو في قتال الحبيب صاحب الريح أنفذ ورد المعتمد على الله كرها إلى سر من رأى وولى إسحق بن كنداح أعمال ابن طولون جميعها وقلده سيفين وسماه ذا السيفين ولم يقدر على ذلك فلما بلغ ابن طولون ذلك وكان بدمشق كتب إلى مصر أن الموفق بالله قد تكث بيعة المعتمد وأمر جميع الفقهاء والأشراف بمسيرهم إلى دمشق فصاروا إليه واتفقوا على خلع الموفق وأقنو بذلك الابكار بن عبد الله قاضي مصر فإنه قال لأحمد بن طولون أنت أوردت علينا كتابا من المعتمد بأن الموفق ولي عهده فأورد الآن كتابا بانخلاعه فقال هو الآن مغظوب مقهور وأتا أحبسك حتى ترد كتابه لا طلقتك فقيده وحبسه واسترجع منه ما كان دفعه إليه من جوائزه فوجدها في منزله نحو اتيمها ستة عشر كيسا فيها ستة عشر ألف ديتار فبلغ الموفق ذلك فأمر بلعنة أحمد بن طولون على المنابر فلعن ببغداد وسائر العراق.
قال وفي سنة سبعين ومايتي كان مقتل الحبيب صاحب الريح وذلك أنه لما استولى الموفق على مدينته وأخرب قصره وهدمه واحتاط على آهله وعائلته ووجه بهم إلى سر من رأى هرب عدو الله بنفسه وخاصته فظفر به وقظله وتصب رأسه على قناة وطيف به في البلاد ثم بعث به الموفق مع ابته المعتضد بالله إلى مدينة السلام وطيف بها ونصب على باب الجسر وكان هذا الفتح من أعظم الفتوحات وأجلها وكان مقتله يوم السبت لليلتين خلتا من صفر وكان خروج الحبيب لأربع بقين من رمضان سنة خمس وخمسين ومايتي فكان مدة سلطاته أربع عشرة سنة وأربعة أشهر وستة أيام ولما قتل الحبيب تلقب الموفق (173) التاصر لدين الله مضافأ للقبه الأول.
قال وفي هذه السنة كانت وفاة أحمد بن طولون وذلك لعشر بقين من ذي الحجة وقيل لعشر خلون من ذي القعدة وقيل أنه لما حس بوفاته رفع يديه إلى السماء وقال يا رب ارحم من جهل مقدار نفسه وانظره حلمك عنه وقضى نحبه وخلف ثلاثة وثلاثين ولدا ذكورا.
سيرته كان كثير البر والصدقات فقيل أن صدقاته في كل شهر ثلاثة ألف ديتار وكان راتب مطبخه في كل يوم الف دينار وكان يجري على أهل المساجد في كل شهر ألف دينار وحمل إلى بغداد في مدة ولايته مصر ما فرق على الصالحين والعلماء وتصدق به على الضعفاء والمساكين الفي ألف ومايتي ألف دينار وترك في خزانته عشرة الف ألف ديتار وكان له سبعة ألف مملوك وسبعة ألف فرس وتمانية ألف بغل وجمل برسم خاصة تلثمية فرس اللحرب وكان خراج مصر في أيامه تلثماية ألف ألف دينار.
إلا أنه كان ظالما سفاكا للدماء فيقال إن عدة من قنله ومن مات في محبسه تمانية عشر ألفأ ولما توفي أحمد بن طولون فاستولى ولده حمارويه على ما كان بيد والده من مصر والشام وذلك لعشر بقين من ذي الحجة سنة سبعين ومايتي:
مخ ۱۱۸